31 أكتوبر 2025
تسجيلإن العطاء والإحسان إلى الفقراء في المجتمع المسلم قرة عين الإنسان في حياته عندما يحس بتخفيف الآلام عن المسلمين ،فبذلك تحلو الحياة وببركتهم يستجلب الرزق وتتنزل الرحمة ويضاعف الأجر، مما يجعل منهم عناصر خير وعوامل بر ومصادر سعادة ،فالفقراء والمساكين لهم حق على المسلمين، فجدير بالمسلمين ألا يغفلوا عنهم وأن يعتنوا بهم، فأولئك الفقراء الكثيرون الذين ليس لهم من يتولاهم ويحسن إليهم ،فرحمة الفقير والعطف عليه من أعظم القربات والطاعات لله تعالى، فالأيام الطيبة المباركة التي نعيشها الآن تستوجب على كل مسلم أن يكون مؤمنا بالله حق الإيمان وثيق الصلة به دائم الذكر له والتوكل عليه يستمد منه العون مع أخذه بالأسباب ويحس في أعماقه أنه بحاجة دوما إلى قوة الله وعونه مما يجعله يذكر ربه في كل وقت ويراه في كل شيء من مشاهد الطبيعة وأحداث الحياة ،ومثله الأعلى في ذلك النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ،فقد كان يذكر الله في كل أوقاته وأحيانه في يقظته ومنامه وذهابه وجلوسه ، ولقد كانت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالفقراء رحمة نافعة دافعة لكل خير تهدف إلى إسعادهم سعادة حقيقية لا زيف فيها ولا تزوير.إنها رحمة لا تهدف إلى كفايتهم فقط ولكن أيضا إلى تعليمهم ورفع معنوياتهم كما تهدف في ذات الوقت إلى نجاتهم في الدنيا والآخرة في شمول عجيب لا نراه في تاريخ الأرض إلا من نبي ، فأمة الإسلام تمتاز عن غيرها من الأمم بالطاعة والقرب لله تعالى في السير على منهج الحق واتباع الهدي النبوي ،فقد كان السلف إذا دخل رمضان يجتهدون في قراءة القرآن ويقدمونها على كل عبادة،حتى روي عن بعضهم أنه كان يختم القرآن كل ليلة، فاجتهد رحمك الله في تلاوة القرآن في هذا الشهر وليست حقيقة الذكر باللسان فقط بل لابد أنه ينشأ أولا في الشعور والوجدان ويا حبذا في رمضان ثم يفيض على اللسان مناجاة وتسبيحا وتحميدا وتنزيها وحينئذ يكون المسلم من الذاكرين لله حقا الذين أعد لهم مغفرة وأجرا عظيما إن الذكر في هذه الأيام يزاد أجره وثوابه ، الحسنة بعشر تضاعف إلى سبعمائة ضعف فيزداد القلب نورا ويضفي عليه عطاءًً ومساعدة للفقراء والمساكين، فقد كان الهدي النبوي يريد لهذه الروح الرحيمة أن تسري في مدينته وفي أُّته وأن يشعر كل إنسان بمن حوله ويسعى لتخفيف آلامه بقدر طاقته، فعلى المرء يحاول أن يعطي من عنده فإذا لم يجد اجتهد في حلِ الأزمة لكنه لا يترك الفقير هكذا بغير عون، فلقد تأصلت هذه الرحمة في المدينة، فالمسلم يرى أن ما أعطاه خير مما أبقاه فمما ينبغي أن يفهم من الحرص على العطاء ومن حثه صلى الله عليه وسلم للصحابة على الإنفاق أنه كان يرضى للفقير أن يظل فقيرا أبد الدهر، أو يعتاد أن يمد يده للسؤال بل كان حريصا على ترسيخ معنى العمل والكسب عند فقراء الأمة ليكفوا أنفسهم بأنفسهم، وليستمتعوا بلذة البذل والعطاء بدلا من معاناة ذل الأخذ والاستجداء ،فما أعظم هذا الذي يذكره ربه ويرعاه وإذا سأله استجاب دعاءه ومن هنا يجب على الإنسان المؤمن أن يذكر ربه بلسانه ويناجيه بقلبه لأن الذكر حياة للقلب ونور له والغفلة عنه موت وظلام ،أما الذي يغفل عن ربه وذكره فهذا ينسى حقيقة الوجود ويجهل سر لذة المناجاة والعبادة والطاعة لله تعالى ،ولهذا لا ينبغي للمسلم أن ينسى ربه أو يغفل عنه ، فيحسن التعامل مع الناس والتودد إليهم والتوغل في عوالمه الصافية البريئة مستخدما في سبيل صياغتها وتوجيهها أبرع الأساليب، وأفضل الوسائل وأنقى العبارات فيجاملهم ويمازحهم ويسمعهم من كلمات المحبة والإيثار ما تبتهج به نفوسهم.