30 أكتوبر 2025
تسجيلتتصاعد التحركات والاتصالات سواء على المستوى العربى أو الإقليمى أو الدولى , سعيا لإنهاء الاحتلال الصهيونى للأراضى الفلسطينية المحتلة (بالطبع هناك أراض أخرى محتلة فى سوريا ولبنان ولكنها مؤجلة لحين صدور أوامر أخرى ) وتتجلى آخر هذه التحركات فى الجولة التى يقوم بها وزير الخارجية الفرنسى لوران فابيوس للمنطقة والتى تشمل زيارة القاهرة وعمان ورام الله والكيان الصهيونى , فضلا عن لقائه بأعضاء اللجنة العربية المعنية بملف إنهاء الاحتلال والتى اجتمعت بالعاصمة المصرية مساء أمس الأول بمشاركة وزراء خارجية مصر وفلسطين والأردن والمغرب , وثمة مراهنة قوية على نجاح فرنسا بإحداث تحولات يمكن أن تقود إلى حلحلة بعض المواقف المتصلبة بالذات لدى حكومة الكيان , بيد أن ذلك لن يكون كافيا بمفرده إن لم تنخرط الولايات المتحدة فى عملية جادة وحقيقية ترتقى فيها على رؤاها الضيقة فى التعامل مع الصراع العربى الصهيونى ,والتى ما زالت تعطي الأولوية لإعلاء مصالح وأهداف الكيان على تطلعات الشعب الفلسطينى على الرغم من إقرار الرئيس باراك أوباما نفسه بحجم المكابدات اليومية التى يعانيها فى ظل الاحتلال خلال زيارته للضفة الغربية قبل سنوات .لقد تحرك العرب مرارا خلال السنوات الماضية فى هذا الاتجاه وشكلوا وفودا وزارية زارت واشنطن وغيرها من العواصم الكبرى المؤثرة فى مسار الصراع ,وبدا أن هناك قناعة لدى الإدارة الأمريكية لدفع الأمور نحو هذا الهدف وهو ما برز فى تبني جون كيرى وزير خارجيتها لفكرة دفع المفاوضات الثنائية بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى والتى استمرت لمدة تسعة أشهر ولكن ثبت بما لايدع مجالا للشك أن جاهزية حكومة الكيان الصهيونى غير متاحة للمضي قدما فى هذه المفاوضات وسرعان ما وضعت العراقيل أمام اقترابها من نقطة النهاية التى ترى فيها نهاية لمشروعها الاستيطانى والاستعمارى والتمددى فى المنطقة مما أجبر الطرف الفلسطيني على التوقف عن المشاركة فيما رآه لعبة يحدد الكيان قواعدها وحده لكنه متكئ على إسناد سياسي ومالي واستراتيجي من واشنطن والتي كان بوسعها- لوأرادت -أن تلجم جنوحه نحو مغادرة مربع السلام الذي دخله من باب العلاقات العامة وليس من منطلق قناعات حقيقية به وفي تقديري ,فإن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن إجهاض عملية السلام لأنها وحدها القادرة على إجبار الكيان على الاستجابة لمحدداتها في مفاوضات ذات جدوى تفضي إلى بلورة القناعات التي تؤيدها واشنطن خاصة فيما يتعلق بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس بل إن خيار ا لدولتين كان بالأساس من إنتاج إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن على الرغم من كل عنجهيته السياسية تجاه قضايا المنطقة وممارساته العدوانية المتمثلة في غزو العراق بالذات , ولايتوقف الدور الأمريكي السلبي عند هذا الحد لكنه يمتد الى إغلاق الباب أمام أي إمكانية لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لإنهاء الاحتلال سواء عبر منهجية اللجوء إلى الفيتو والتي بلغت خلال السنوات الثلاثين الأخيرة أكثر من 34 مرة وفقا لما قاله لي السفير محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشؤون فلسطين والأراضي المحتلة أو من خلال الامتناع عن التصويت وحث أطراف أخرى على تبني نفس الخطوة مثلما حدث عندما تقدم الفلسطينيون بمشروع قرار في ديسمبر الماضى مما أدى إلى عدم تمرير المشروع للتصويت عليه في المجلس والذي كان في حاجة إلى 9 أصوات ولكن تحرك واشنطن عطل مسيرته في المجلس مما شكل انتصارا للكيان وحلفائه في العالم .ولعل ما كشفه لي عزام الأحمد القيادي بحركة فتح عن طلب واشنطن لفرنسا بعدم التقدم بمشروع قرار جديد لمجلس الأمن يتسق مع المواقف الأمريكية السلبية وهو ما ينبئ عن حقائق باتت واضحة ولايجوز التغاضي عنها إن أردنا ألا نضع رؤوسنا في الرمال وقد يشكل إجهاضا مبكرا لجهودها الراهنة في هذا السياق على الرغم من أنها تحاول أن تتقدم به باسم الاتحاد الأوربي ولكن واشنطن المنبطحة في خندق الكيان بكل قوتها لايهمها الا مايرضي هذا الكيان ولعل حرص باراك أوباما على توجيه الدعوة لنتنياهو لزيارة واشنطن قريبا على الرغم من تجاهل الآخير له عندما قبل دعوة من الكونجرس بإلقاء خطاب أمامه دون تنسيق مع البيت الأبيض قبل أشهروهو ما اعتبر إهانة له يعكس حالة الخنوع السائدة لدى النخبة السياسية الحاكمة في واشنطن والتي لاترى في المنطقة سوى الكيان ومصالحه في البقاء والتمدد والنزوع العدوانى وانتهاك حقوق الآخرين حتى بالنسبة لموقفها من الملف النووي الإيراني فإن المبرر الأول له يقوم على أساس حماية أمن الكيان وليس حماية أمن المنطقة كما يتجلى ذلك بسفور في إجهاض الولايات المتحدة للمشروع المصري الرامي لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في المؤتمر الدولي الذي استضافته الأمم المتحدة قبل نحو شهرين مما أدى إلى إعراب نيتانياهو عن شكره لأوباما وإدارته إذن المعضلة في الولايات المتحدة والتي يتعين السعي بكل قوة لدفعها الى تبني التوازن على الأقل على نحو يقود إلى بلورة حل الدولتين دولة فلسطينية جنبا إلى جنب دولة الكيان الصهيونى والتي رضينا بها مجبرين كهمٍّ ؛ لكن الهمَّ لايرضى بنا -وفق المثل العربي الدارج وأخشى ما أخشا ه أن تستمر حالة الجمود في عملية السلام في المنطقة على نحو لايكون بوسع العرب والفلسطينيين التحرك معه إلى الأمام على هذا الصعيد لاسيما مع عودة نيتانياهو بقوة إلى صدارة المشهد في الكيان رئيسا للحكومة لفترة خامسة مشكلة من عتاة المتطرفين ، وهوما دفعه إلى المزيد من تبني السياسات والمواقف العنصرية والعدوانية ومواقفه العنصرية والتي تكشف حقيقة تفكيره السلبي تجاه مجمل العملية السلمية لاسيما تنكره لحل الدولتين وقد سألت في هذا الصدد عزام الأحمد عما يتردد عن قبول نيتانياهو بحل الدولتين فقال لى : تلك فرية كبرى والرجل يكذب وليس ثمة أي مؤشرات على قبوله بحل الدولتين بدليل أنه هو الذى أبدى تعنتا وصلفا في خلال المفاوضات التي تمت برعاية جون كيرى وزير الخارجية الأمريكي مما أدى إلى توقفها وجمودها وما يحاول أن يدلي به من تصريحات غامضة وغير واضحة الملامح هو من قبيل تحسين صورته التي شوهت على نحو يفوق الفترات السابقة من فرط تصريحاته ومواقفه العنصرية والمناهضة لأي نزوع حقيقي باتجاه حل الدولتين مؤكدا أنه في ضوء هذه المعطيات فإن المفاوضات مع حكومة نيتانياهوغير مطروحة في الوقت الراهن . إذن ليس ثمة أمل في إنهاء الاحتلال إلا عبر الاعتماد على القدرات الذاتية العربية وهو أمر يطول الحديث بشأنه لأنه يتطلب تغييرا في كل القواعد والمعادلات السائدة في النظام الإقليمي العربي .