12 سبتمبر 2025
تسجيلفي البلاد الباردة كم تشعر بأنك بحاجة إلى قليل من الزعتر البلدي وفنجان من الميرمية والبابونج، وعندما تسطع الشمس يخطر لك شراب التوت الشامي الذي يمشي به الباعة الجوالون على عرباتهم. وأتساءل كثيراً لماذا لم تكن هذه المنتجات تحتاج الى إعلان ضوئي في الشوارع؟! ربما لأنها تنتشر بين الناس بجودة تاريخية موثوقة.. إن الدعاية والإعلان حق لكل صاحب فعالية تجارية أو اقتصادية أو خدمية أو غيرها بدءاً من الملصقات والإعلانات الصغيرة إلى المتوسطة إلى الكبيرة إلى العملاقة إلى ما لا نعرف أو نتخيل، مما يُمكن أن تبتكره المخيلة التسويقية في هذا المجال. واللافت للنظر أن هذه الإعلانات بدأت تعتمد على فنية وجمالية وذكاء يغوص إلى استنفار الحالة النفسية للمتلقي وهذا المتلقي أكثر ما يكون من الأطفال فنراهم يقفون مشدوهين أمام أحدها . وكأن الطفل والمرأة هما العاملان الأساسيان في الوصول إلى اختراق للفت النظر وفرضٍ لقوة حضور المنتج أمام المستهلك. هل لأنهما يُشكلان جمالية حياتية أم لأسباب أخرى؟! وهل هذا التكريس بريء كجمالهما أم خبيث كحوت الاستهلاك الذي يبتلع الوعي ويجرف كل ما يصادفه، ويتركك منهكاً مرمياً على طرفٍ من طريق؟ عساي من هذه الزاوية أتقدم باقتراح حضاري.. لماذا لا يكون هناك إعلانات مماثلة لبعض الكتب المهمة أيضاً أو بعض اللوحات التشكيلية وغيرها بين الفينة والأخرى؟ أوليس الفكر والأدب والفن هو منتج أيضاً. قد يقول قائل إنه لا يحتاج إلى ترويج، لكن في زمن الصراعات المادية المستميتة يكاد الإنسان نفسه يحتاج إلى إعلان ضوئي عملاق يُذكّر بإنسانيته وعطفه. طبعاً لا ننكر أهمية الإعلان في التعريف بما لدينا وما ننتج ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا ينساق الفكر الإنتاجي إلى صراع للمنافسة في الإعلان وليس في الجودة؟! بدلاً من هذه المبالغة التي ملأت الشوارع حتى أصبحت المدن كغرف المراهقين مملوءة بكل صور الممثلين والمغنين والشخصيات والصرعات العالمية؟ هل هذا زبد الحضارة الذي «يذهب جفاء»؟!