14 نوفمبر 2025

تسجيل

خمور «الابتدائية»... حلال!

22 يونيو 2011

بلغ السيل الزبى.. لعل هذه الكلمات الثلاث التي يمكن أن تعبر عن المستوى الردئ الذي وصل إليه مجال التعليم لدينا رغم النداءات المتكررة من (المتضررين) من سير العملية التعليمية و(السقطات) التي يجد المسؤولون من تكرارها واستمراريتها دروساً لا يستفيدون منها وخبرة سيئة تختمر في عقولهم الهاوية ونجد نحن من وقوعها خطيئة لم تعد قلوبنا الرحيمة تستطيع أن تغفر زلاتها وآثارها وتبعاتها الموجعة التي تقصم ظهور أجيال نعول عليهم في المستقبل أن يكونوا بناة عمران لا معاول هدم!..ورغم مطالبة الكثير من صديقاتي اللاتي يعملن في مجال التعليم والإشراف والتدريب لي بأن أحرك رمالي صوب (فوهات الدمار) الموجهة ضد عقول تلاميذنا المتلقية لكل صالح (قليل) وطالح (كثير) إلا إنني أكتفي بالانتقاد الشفهي للأسف باعتبار ان المغامرات يمكن أن تحدث في أي شئ وكل شئ ما عدا الصحة والتعليم وربما كان الأخير هو الأهم لقناعتي بأن تدمير العقل والأخلاق يبدو أشد فتكاً من هلاك الصحة والشروع للموت ولكن ما كشفت عنه حقائق أمس من (تسونامي) مفجع في منهج الصف الخامس الابتدائي حيث وضع (معد المنهج) شريعة من عنده لم ينزل بها الله من سلطان في تحليله (لقليل) الخمر وتجريمه (لكثيره) ليس لحرمته شرعاً وإنا لأضراره على المعدة والكبد والجهاز الهضمي عموماً!!..فهل يعقل بعد اكتشاف البلاوي القديمة في مناهجنا التعليمية التي تباينت ما بين تحليل لحم الخنزير وكيفية صنع الخمور وتعتيق العنب يأتي (شيخ منصر) هذا ويحلل قليل الخمر ويحرم كثيره على طالب الصف الخامس الابتدائي؟!..هل من المعقول وقد سكتنا عن الفضائح القديمة أن نسكت اليوم وهذا المخبول يدس سمه القاتل في عقول هؤلاء الطلاب الذين لا يزالون في هذه السن المبكرة مثل الأوعية البكر تتلقى ما يـُلقى في باطنها دون أن تميزه فتلفظ سيئه وتستسيغ أحسنه؟!..أين دور المجلس الأعلى للتعليم من هذه الفضيحة التي تضيف نفسها وبكل خيلاء إلى كومة الفضائح التي تعلن عنها المسيرة التعليمية لدينا؟!..بل أين وزارة التربية والتعليم التي كانت لجيلنا بلسماً شافياً وباتت اليوم علقماً مراً تجبر طلابها على تجرعه إجباراً وللأسف اختياراً باعتبار ان لا مفر إن أردنا أن نتعلم سوى بوابة هذه الوزارة التي تغيرت وتغيرت وتغيرت وتتغير ولاندري إلى أين سيجرنا تيار التغيير السيئ التي تمخر به سفن الوزارة عباب العقول ومساحات الصبر لدينا؟!..فماذا كان يضرنا لو طورنا في سبل التعليم وقوّمنا المناهج وأنتجنا كوادر تدريسية تساير التطور العلمي والمنهجي في العالم وبقينا كما نحن ثابتين على الالتزام والقيم وقواعدنا الدينية لا تتزعزع قوائمها حتى وإن كان تسونامي الحداثة يبدو أصعب وأكثر صلباً وصلفاً في محاولة نزعها؟!..ماذا ضرنا الآن هل نبدو متخلفين أم أصابنا خرف مبكر أم إننا لا نساير العالم في تقلباته وأهواله؟!..كنا في يوم من الأيام طالبي علم تحت مظلة نفس مسمى وزارة اليوم وهي وزارة التربية والتعليم ولكن شتان مابين أمس منير مستنير وحاضر مظلم مستظلم فهل بات علينا أن نسترجع ذكرياتنا وهي الأحق بأن تكون مستمرة في سلك التعليم الذي نتفاجأ اليوم بمهازله وسقطاته وثغراته وربما كانت لحظات احتضار مبكرة تعلن بعدها الوزارة بجميع مسؤوليها ومنتسبيها انتحارها الجماعي وتطلب السماح دنيا وآخرة!!.. ماذا فعل بنا المجلس الأعلى للتعليم والعملية التعليمية في ظل المدارس المستقلة والمناهج المتباينة وقد كانت مخرجات قطر من المتعلمين والمتعلمات ما يمكن أن نفتخر به سابقاً أما اليوم فقد جرفتنا مظاهر التعليم أكثر من العلم نفسه وبتنا أشد ولعاً بالألقاب السطحية وكمها البعيدة كل البعد عن جوهر النتائج لدينا وكيفيتها.. زادت المدارس التي تتخبط تحت أهواء (مالكيها ومديريها) فضاعت الرسالة.. تعب المعلمون والمعلمات فكان الطلاب ضحايا يتنكر الجميع من جهلهم.. كان أساس تعليمنا الشريعة واللغة العربية فنهضنا واتسع إدراكنا بأهمية العلم واليوم باتا ثانويين فضاق أفق طلابنا وباتت الهرولة نحو إخراج جيل يشترط في توظيفه وتنصيبه اللغة الإنجليزية ولا يمكن لأحد أن يسأله إن كان حافظاً لسورة من القرآن أو يحصي الحروف الأبجدية العربية بإتقان وترتيب أو كاتباً لاسمه دون أن ينقص حرفاً أو يتهاون بنقطة يجعل من (نجلة) مثلاً إلى (نحلة) وهذه تحدث للأسف!..انقذونا ولا أعني وزير التربية والتعليم فقد بات أكثر الناس بحاجة إلى انقاذ وبالتأكيد لا أعني (صباح الهيدوس) التي لربما تمرر بعد فضيحة أمس رسائل استغاثة لمن يهمه أمرها وبقاءها مديرة وهذا هو الأهم أن يبقى منصب المديرة يلوح في الاذان والمسامع دون أن تفكر بأن ما (ترقعه) في التبرير للأخطاء الجسيمة يبدو اليوم مهلهلاً لا سيما ان اللعب في قيم الدين وتعاليمه يمكن أن يصل لدرجة أن يحلل (مخبولو تأليف وإعداد المناهج) ما تخجل سطوري عن كتابته وأعوذ بالله من أن يكون واقعاً!..انقذنا يا من يهمه أمر تعليمنا وتنويرنا وطمس الجهل المستمر معنا.. عظم الله أجرنا وأجركم!