15 سبتمبر 2025

تسجيل

مرارة الظلم

22 مايو 2016

الشعور بالظلم هو أن تُتهم بما ليس فيك، هو أقسى شعور يمكن أن يشعر به إنسان، خاصة إذا كان الظلم من ذوي قُربى أو ممن قدمت لهم معروفاً في يوم ما. والحقيقة تصلني عبر الإيميل عشرات الحكايات التي يطلب أصحابها ممن يثقون بي وفيما أكتب وأقدم من كلمات بسيطة يشعرون بها بانها تمس قضاياهم وتهتم بما يجول في نفوس بعضهم، بعض النصح والإرشاد.ولقد بحثت عن قصة في العهد النبوي تحكي على الظلم وكيف بكلمة واحدة قالها مظلوم وهي " الله المستعان " برأه الله من فوق سبع سموات.فكثيرون منا يقرأون الآية الكريمة"ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيما. ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما. ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتاناً وإثما مبيناً. ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما". آية 110 — 113 سورة النساء.والحكاية كما ترويها كتب السيرة إنه في زمن سيد الخلق سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أن رجلاً من المسلمين ارتكب جريمة سرقة وحاول إلصاق الجريمة برجل من المنافقين الخائنين لله ورسوله.وحينما توجه "قتادة بن النعمان" وهو أحد أصحاب رسول الله يخبره بأن درع عمه قد سرقها أحد آل "أسيد بن عروة" لكنه لم يستطع أن يقدم الدليل، وقام آل اسيد بالشكوى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، زاعمين أن صاحبهم لم يسرق وأخذوا يرددون بانهم أهل صلاح وتقوى وكيف يرتكب واحد منهم هذا الجرم.وبعد أن استمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتلك الحجة المضللة قال لقتادة: عمدت إلى أهل إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة على غير تثبت ولا بينة..؟؟؟؟، فرجع قتادة بعد أن سمع هذا القول العنيف من سيد الخلق كاسف البال، حزينا وذهب إلى عمه وأخذ يؤنب نفسه ويخبر عمه بما جري فقال له عمه وكان شيخاً ضريراً: الله المستعان.كادت الحقيقة تندثر وتتوه معالمها فنزلت آيات في القرآن الكريم التي ذكرناها تفضح هذا العمل وتضع يد الرسول صلى الله عليه وسلم على الحقيقة المرة، التي أشار إليها قتادة وتؤكد للرسول صلى الله عليه وسلم، إن الرجل "أبيرق" لم يسرق وأن الذي ارتكب هذا الجرم هو أحد أبناء آل اسيد بن عروة، وطالب النبي صلى الله عليه وسلم، أن يستغفر عن اجتهاده حين أصدر حكمه في هذا النزاع ونهى الصحابي قتادة بن النعمان عن هذا الاتهام، وفي نفس الوقت حذر الناس جميعاً من هذا السلوك الردئ، وتلك العادة التي تنشر الفساد في الأرض وتلحق أضراراً بالأبرياء، وبالذات قذف المحصنات وهن بريئات، فهذا ظلم كبير.وأخيراً أود أن أقول إن اتهام أي شخص بما ليس فيه، فإنه إثارة بلبلة لا تخص الشخص وحده فقط، وما يشعر به من ظلم لا يشعر به وحده، فكما يقال إن التهمة أو الشائعة التي تنتشر حول الناس من الصعب محوها من الذاكرة، وقد تظل عالقة بالأجيال اللاحقة ايضا، ويتأثر به الشخص وأهله وأبناؤه، وربما أحفاده في مجتمعات لا تغفر ولا تتسامح وتصدق الاتهام الذي ربما ينشر في الصفحات الأولى في الصحف وإذا ثبتت البراءة لا يلتفت لها أحد وإذا نشرت تنشر كخبر صغير.فاللهم لا تجعلنا من الظالمين ولا تجعلنا نشعر بمرارة الظلم، فدائما أدعو الله سبحانه، اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا منهم سالمين، فالله المستعان إنه نعم المولى ونعم النصير.