18 سبتمبر 2025
تسجيلإنها نفس الوجبة التي تم إعدادها للبرازيل، يتم إعدادها الآن لفنزويلا بنفس العناصر التي تشمل المعارضة اليمينية التي ترى أنها لن تصل يومًا إلى السلطة إذا كان طريقها الوحيد هو الديمقراطية، وشبكات فساد متحالفة مع الولايات المتحدة التي تريد استعادة حظيرتها الخلفية المتمثلة في دول أمريكا اللاتينية، التي تمردت عليها بعد وصول قوى تيار الاستقلال لحكمها.وكما كان الأمر مع البرازيل، فقد جاءت الفرصة المواتية للانقضاض على فنزويلا مع تراجع أسعار النفط بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى تراجع قدرة الحكومة على القيام بأدوارها الاجتماعية في ظل مجتمع يعاني من الفقر والبطالة.لكن يجب الإشارة إلى أن محاولة الانقلاب على تيار الاستقلال بدأت مبكرًا مع وصول هوجو شافيز إلى الحكم في نهاية تسعينيات القرن الماضي، حينما حاولت قوى اليمين المعارضة وبالتعاون مع شبكات الفساد والإعلام التخلص من هذا اليساري الذي أراد تحقيق الاستقلال الفعلي لبلاده، سواء على المستوى الداخلي من خلال القضاء على الفروق الاجتماعية الكبيرة بين طبقات المجتمع عبر إعادة توزيع الثروة بشكل عادل، أو على المستوى الخارجي من خلال التخلص من التبعية للولايات المتحدة ومحاولة لعب أدوار على المستويين الإقليمي والدولي، ولا يمكن أن ننسى هنا أدوار شافيز في قضايا الشرق الأوسط، خاصة قضايا فلسطين والعراق والبرنامج النووي الإيراني.ورغم تعرض شافيز لأكثر من محاولة للإطاحة به سواء من خلال القتل أو من خلال الانقلاب العسكري، إلا أن الرجل نجح في الاحتفاظ بسلطته حتى وفاته في مارس 2013.ومع تولي نائبه نيكولاس مادورو السلطة عقب وفاته، عادت محاولة الإطاحة بتيار الاستقلال مرة أخرى، خاصة بعد أن ظن البعض أن مادورو لن يكون في نفس قوة وشعبية شافيز. وجاء انخفاض أسعار النفط ليمثل الفرصة المناسبة لتحقيق الهدف، خاصة مع تراجع شعبية حزب الرئيس والتي ظهرت في الهزيمة المدوية في الانتخابات التشريعية التي جرت في ديسمبر الماضي، والتي أرجعها البعض لوجود إحساس شعبي متزايد بأن سياسات تيار الاستقلال المتعلقة بالقضاء على الفقر والبطالة وتحسين ظروف المعيشة، لم تعط نتائجها المرجوة منها. إضافة إلى تزايد التوترات الاجتماعية الناتجة عن الصراع السياسي المحتدم في البلاد والذي جعل الكثير من المواطنين لا يطلبون سوى الحصول على الأمن المفتقد.كذلك هناك النجاح الذي بدأ يتحقق على المستوى الإقليمي لمخططات اليمين بالتعاون مع الولايات المتحدة في الإطاحة بتيار الاستقلال اليساري، وآخرها الإطاحة برئيسة البرازيل "ديلما روسيف"، وقبلها رئيسة الأرجنتين "كرستينا فرنانديز دي كيرشنر"، التي تم الإطاحة بها في ديسمبر الماضي على خلفية اتهامات بخيانة مهام منصبها بسبب ما قيل إنه دورها في الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الدولة في سوق العملات الأجنبية بعد قيام الحكومة ببيع البنك المركزي عملة صعبة بأسعار أقل من القيمة السوقية.وبعد خروجها من السلطة واجهت "دي كيرشنر" اتهامات أخرى تتعلق بالإرهاب، حيث وجهت النيابة العامة في الأرجنتين إليها تهمة التآمر في قضية تفجير مركز الرابطة اليهودية AMIA في بوينس آيرس عام 1994.الرئيس الفنزويلي "مادورو" يحاول عرقلة مخطط إقالته بكل الطرق، حيث دعا أنصاره إلى "التمرد" بشكل "سلمي" إذا نجح استفتاء إقالته الذي دعت إليه المعارضة، التي جمعت 2.5 مليون توقيع مطالب بهذا الاستفتاء المتوقع تنظيمه في نهاية نوفمبر المقبل، خاصة في ظل تواطؤ الإعلام والقضاء مع المعارضة.والسؤال المطروح: هل ينجح تحالف المعارضة اليمينية وشبكات الفساد والولايات المتحدة في الإطاحة بالرئيس الثالث في الحظيرة الخلفية لواشنطن؟