13 سبتمبر 2025

تسجيل

أمن الخليج ليس ورقة للمساومة!

22 مايو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حسنا فعلت دول مجلس التعاون الخليجي عندما أكدت بالقول والفعل أن أمن الخليج لا يمكن أن يكون ورقة للمساومات مع أي طرف كان حتى لو كان ذلك الطرف هو الولايات المتحدة التي قدمت مظلة أمنية لهذا الإقليم طوال العقود الماضية.. فدول الخليج تعرف جيدا أن التحالف مع الولايات المتحدة وإن كان يضيف إلى قوة الردع الخليجي لإيران إلا أنه لن يكون سببا كافيا لأن تقبل هذه الدول بأن تُخضع الولايات المتحدة أمن الخليج لأي تسويات أو ترتيبات أمنية تتوصل إليها مع إيران. الجديد في الأمر أن قادة دول الخليج يدركون جيدا بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تستفيق من وهم إقامة تحالف مع إيران يعيد الأخيرة إلى حجمها الطبيعي، والحق أن الرئيس أوباما ليس بالرجل المناسب لكي يتوصل إلى اتفاق شامل مع إيران بسبب الانطباع السائد (بين الإيرانيين على وجه التحديد) بأن أي اتفاق شامل يعني إطلاق العنان للتأثير الإيراني السلبي في الإقليم ليتفاقم، وهذا بدوره سيفضي إلى انكشاف إستراتيجي (Strategic vulnerability) ستكون مهمة معالجته بالنسبة لدول الخليج أعلى من أي وقت مضى. ومن هذا المنطلق بدأت دول الخليج وبخاصة السعودية وقطر العمل على خلق واقع جديد يجبر الجميع على أخذه بعين الاعتبار، ومن هنا جاءت الاختراقات في سوريا، ومن هنا بدأت عاصفة الحزم بإظهار عجز إيران عن إيصال أي نوع من السلاح لوكلائها في اليمن.اللافت أن آلية العمل الخليجي اختلفت هذه المرة، فالسعودية وقطر قادتا التحرك الخليجي والعربي في هذا الضمار، ولم تكتف الدولتان بالتطمينات الأمريكية إذ دار حوار صعب بين الجانبين الأمريكي والخليجي، غير أن الجانب الخليجي هذه المرة قلب الطاولة واستعاد التوازن المفقود لسببين: أولا، نجاح دول الخليج في خلق واقع جديد كشف للمرة الأولى عن حدود قوة إيران، وثانيا، بيّن القادة الخليجيون للأمريكيين أن ثمة فرقا بين رغبة الرئيس أوباما العارمة في التوصل إلى اتفاق مع إيران يمنحه التركة (Legacy) التي يبحث عنها والتهاون في أمن الخليج أو الوقوع في فخ لعبة الاسترضاء لقوة إقليمية لا تقبل بالوضع الإقليمي القائم.وفي السياق ذاته، يمكن الإشارة إلى حقيقة أن هناك فرقا كبيرا بين مفهومي التحالف والتبعية، فدول الخليج استفادت أمنيا من التحالف مع الولايات المتحدة في ظل شراكات إستراتيجية وتحالفات معروفة لكنها لم تكن لتقبل بأن تكون دولا تابعة تخضع وتمتثل لحسابات واشنطن الإقليمية. لذلك يؤمل أن يكون الرئيس باراك أوباما قد تعلم الدرس واستبطن أن كلفة التصدي للتوسع الإيراني الآن هو أقل بكثير من ذلك في سنوات قادمة تكون فيها إيران متحررة من العقوبات الاقتصادية!على كل، يبدو أن الإقليم برمته بدأ يحتل مكانة مختلفة في أجندات واشنطن العالمية، وهناك الكثير من الإستراتيجيين الأمريكيين يتحدثون عن انتقال مركز القوى العالمي من الأطلسي إلى الهادي وما يعنيه ذلك من تخصيص موارد أكبر لمنطقة الهادي على حساب منطقتي الأطلسي والشرق الأوسط، وفي ظل التغيرات في موازين القوى العالمية ينبغي على دول الخليج أن تعيد التفكير في سياساتها الأمنية في الإقليم لتمتلك زمام المبادرة لتشكيل المنطقة وفقا لمصالحها الأمنية، وربما كان لقاء قمة كامب ديفيد الأخير فرصة لقادة الخليج للتعرف على عمق التزام الولايات المتحدة ولإيجاد أرضية من الشراكات الأمنية الخليجية الأمريكية التي ترفع من قوة هذه الدول في مواجهة مصادر التهديد الرئيسية.ما من شك أن هناك ما يمكن وصفه بــ "لحظة الغضب العربي"، فموقف الرئيس أوباما حتى هذه اللحظة قاصر عن الاستجابة لقلق عربي مشروع ليس فقط من البرنامج النووي الإيراني لكن أيضا وبشكل أكبر من غض واشنطن بصرها عن سلوك إيران في الإقليم. فأوباما يرتكب خطأ تاريخيا أن سهل مهمة إيران في أن تكون قوة نووية لأن من شأن هذا التساهل أن يدشن مرحلة جديدة من سباق التسلح لكنه سباق نووي هذه المرة وليس تقليديا، ولنا أن نتخيل حجم الخوف والقلق في المنطقة بأسرها أن دشنت إيران سباقا للتسلح النووي!مشكلة أوباما أنه يخيّر العرب ما بين إيران مع قنبلة نووية أو إيران من دون قنبلة لكن توسعية تسعى إلى تصدير ثورتها والتحكم بدول مجاورة. وكأن لسان حال الرئيس أباوما بأنه يعرف مصلحة العرب أكثر من أنفسهم وفي ذلك مغالطة تنم عن موقف استشراقي قاصر عن فهم المنطقة وديناميكية التاريخ والسياسة في هذه البقعة من العالم... والمتتبع لتصريحات أوباما سيكتشف بسرعة بأن سياساته تمكن أقلية توسعية في الإقليم لخلق توازن جديد لن يفضي إلى استقرار بل إلى تصعيد وحروب مستقبلية.بكلمة، هناك ما يشير إلى أن واشنطن تتبنى نهجا بعيدا عن واقعيتها السياسية المعهودة، وهذا بدوره يخلق فرصا وتحديات لدول الإقليم، لذلك لا يمكن الركون إلى تطمينات أمريكية ولا يمكن لدول الخليج وبخاصة السعودية وقطر بأن تقبل أن تكون التسويات الشاملة بين طهران وواشنطن على حساب أمن الخليج، نعم هناك حاجة ماسة لأن تستمر السعودية وقطر بالتحالف مع تركيا لفرض واقع جديد أو على الأقل لمنع تبلور واقع إقليمي ضار بمصالح العرب.