13 سبتمبر 2025
تسجيلالمجتمع يولي للأسرة جل الاهتمام وعظيم العناية لذا جعل لها في الإسلام مكانة خاصة، فهي سكن للنفس وراحة في القلب واستقرار للضمير وتعايش بين الرجل والمرأة على المودة والرحمة والانسجام والتعاون والتناصح والتسامح، ليستطيعا في هذا الجو الأليف الوديع الحاني أن يؤسسا الخلية السعيدة التي ينشأ فيها الأبناء الصالحون وتؤسس من خلالها الأسرة المسلمة فقد بين القرآن الكريم هذه العلاقة الفطرية الأبدية بين الرجل والمرأة بيانا رقيقا شائقا تشيع فيه أنداء السكينة والأمن والطمأنينة، ويفوح منه عبير المحبة والتفاهم والرحمة، فديننا الحنيف يعمل على الربط بين أفراد المجتمع ليكونوا لحمة واحدة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى لذلك جاء الهدي النبوي تارة يوصي بالكبير وتارة يوصي بالنساء وتارة يوصي بالمريض وتارة يوصي باليتيم وتارة يوصي بالشباب ولم يترك الحبيب صلى الله عليه وسلم فرصة ولا موقفا إلا وقدم النصح للصغار، وأرشدهم إلى السلوك الصحيح، فقد أمر الآباء بحسن تربية الأبناء، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته فكلكم راع ومسؤول عن رعيته) متفق عليه، ومن هذه المسئولية تربية الأبناء وتنشئتهم من صغرهم على الدين والأخلاق وفي هدي النبي صلى الله عليه وسلم معيناً لا ينضب من المواقف والوصايا التي لو استخدمت في الحقل التربوي للصغار، لكانت كفيلة بترسيخ أروع القيم والمثل العليا في نفس الطفل، ولجعلت منه شخصية سوية قادرة على القيام بدورها في بناء المجتمع وإصلاحه، لأن صغار اليوم هم بناة الغد ورجال المستقبل.فالأولاد قرة عين الإنسان في حياته وبهجته في عمره وأنسه في عيشه بهم تحلو الحياة وعليهم بعد الله تعلق الآمال وببركتهم يستجلب الرزق وتتنزل الرحمة ويضاعف الأجر، فإن هذا كله يتوقف على حسن تربية الأولاد وتنشئتهم النشأة الصالحة التي تجعل منهم عناصر خير وعوامل بر ومصادر سعادة، فإن توافر للإنسان أولاد صالحون كانوا بحق زينة الحياة الدنيا، أما إذا غفل الوالدان عن تربية الأولاد وتوجيههم الوجهة الصالحة كانوا بلاء ونكدا وهما وراءه السهر في الليل والتعب في النهار، فالإنسان الواعي يدرك مسؤوليته الكبرى إزاء أولاده الذين رزقه الله بهم في هذه الحياة، إذ يسمع توجيهات الله تعالى من خلال آيات القرآن الكريم في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) التحريم:6، فالأبناء غراس حياة، وقطوف أمل، وقرة عين الإنسان ونعمة تستحق الشكر وفي الوقت نفسه هم مسؤولية يجب العناية بهم، فالطفل أمانة عند والديه، وقلبه عبارة عن جوهرة قابلة لكل نقش، فإن عود الخير نشأ عليه وإن عود الشر نشأ عليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولَد على الفطرة) رواه البخاري.فمن الهدي النبوي نعي ونعلم إنها المسؤولية الشاملة التي طوق بها الإسلام أعناق أبناء الحياة جميعا وجعلها فطرة سليمة أودعها في قلوب الوالدين وألزمهم بها،فلم تغادر منهم أحدا وجعل بمقتضاها الوالدين مسؤولين عن تربية أولادهما تربية إسلامية دقيقة وتنشئتهم التنشئة الصالحة القائمة على مكارم الأخلاق التي جعلها الرسول الكريم منهجا لأمته وأنه ما بعث إلا لتتميمها وتأصيلها بين الناس إذ قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )، ويدل هذا على عظم مسؤولية الوالدين تجاه أبنائهما وتنشئتهم على طاعة الله ورسوله وامتثال أمرهما، لأن البيت هو المحضن الذي تنشأ فيه الصغار، وهو البيئة الأولى التي يترعرعون فيها، وهو الوسط الذي تتكون فيه ميولهم وأمزجتهم وشخصياتهم، ومن هنا يبدو دور الوالدين الكبير في تعهد تلك البراعم الغضة الطرية، ومدها بالغذاء النافع، والتوجيه الأصيل الذي يربي فيها الجسم والعقل والروح على السواء، فيجب على الأب العاقل أن يكون متجها لأولاده، يرق قلبه لهم ويفخر بينابيع الحنان، ويزكي أواصر الحب ويكون الأبناء وسيلة إسعاد وسرور،فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع) رواه أحمد، فالخطاب للآباء والأمهات لحثهم على تعويد أولادهم المحافظة على الصلاة، حتى ينشأ الواحد منهم حسن الصلة بالله ومن لم يأمر أولاده بالصلاة ويتابعهم فيها فقد عرض نفسه للعقوبة لأن أولاده أمانة عنده وسيحاسب عليهم.