16 سبتمبر 2025
تسجيلكثيرة هي الألقاب التي تقترن ببعض أهل الحظوة أو أصحاب السطوة في شرقنا العربي، وليس شرطا أن يكون اللقب دالا دلالة منطقية على من اقترن بهذا اللقب، وهناك بيتان شهيران قالهما شاعر أندلسي، متهكما وساخرا من الأمراء الأندلسيين الذي فقدوا نفوذهم المعنوي والمادي، لكنهم ما زالوا يتلذذون بالألقاب الزائفة التي كانوا قد حصلوا عليها أيام الحظوة والسطوة،وفي هذين البيتين نسمع صوت السخرية عاليا:مما يزهدني في أرض أندلسألقاب معتصم فيها ومعتضدألقاب مملكة في غير موضعهاكالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد لكن ما يهمني الآن هنا هو تلك الألقاب التي حظي بها عدد من أدبائنا وشعرائنا العرب دون سواهم، حيث حظي أحمد شوقي بلقب "أمير الشعراء"، وحافظ إبراهيم لقب بـ"شاعر النيل" بينما حصل خليل مطران خليل على لقب "شاعر القطرين"، وأحمد لطفي السيد على لقب "أستاذ الجيل"، ود. طه حسين على لقب "عميد الأدب العربي"، وكان ممن حظي بلقب خاص اقترن به طيلة حياته الشاعر الغنائي أحمد رامي.. والذي لقبوه بـ"شاعر الشباب".وآفة الألقاب أنها – عادة – تكون بغير دلالة حقيقية، ولا تعكس إلا صورة من صور مجتمعاتنا العربية بشكل عام، وأعني بها "المجاملة" التي قد يكون الدافع إليها الترغيب أو الترهيب على حد سواء، وحين رحل عن عالمنا أحد شعرائنا الذين كانوا – طيلة سنوات وسنوات – ملء السمع والبصر.. ألا وهو الشاعر أحمد رامي الذي شهد عام 1892م تفتح عينيه للنور لأول مرة، وخاض الحياة بعد ذلك نحو تسعين عاما، ولأنه عاش الحياة تسعين عاما قبل أن يرحل عنا، فإنه من حقنا أن نتساءل: شاعر أي شباب كان رامي؟! هل كان شاعر شباب الجيل الذي شهد بدايات لمعان اسمه في حياتنا الأدبية؟. لقد كان هذا في العشرينيات.. وها نحن الآن في الثمانينات.. فياترى.. شباب أي جيل هو الذي كان رامي شاعره، المعبر عن قضاياه وآلامه وآماله؟! وحين أنتقل إلى موضوع متقارب مع موضوع الألقاب أقول يبدو أننا نعشق "الثنائيات" في حياتنا الأدبية والفنية. حيث نتذكر حافظ إبراهيم بمجرد أن نتحدث عن أمير الشعراء أحمد شوقي، ونتذكر ميخائيل نعيمة بمجرد أن نذكر جبران خليل جبران، وإن كنا حين نتحدث عن كوكب الشرق أم كلثوم، فإننا - في الغالب - لا نتذكر مطربة قبلها ولا بعدها، إلا أننا – أحيانا – نستدعي أسمهان حين نتحدث عن أم كلثوم، ومن شعراء جماعة أبولو فإننا حين نتذكر إبراهيم ناجى، نتذكر معه على محمود طه، وأعترف هنا بأني كنت وما زلت منحازاً لناجى، على حساب صديقه ومنافسه في زمانهما على محمود طه، كما أن ناجى لم يغادر قلبي، حتى بعد أن أحببت بعده شاعرين كبيرين من رواد حركة الشعر الحر في أمتنا العربية، هما بدر شاكر السياب وصلاح عبد الصبور.السؤال الذي أود أن أطرحه في الخاتمة: ما الذي تستفيد منه حياتنا الأدبية والثقافية من كل ما يطفو على سطحها من ألقاب ومن ثنائيات؟