27 أكتوبر 2025

تسجيل

المشروع الإسلامي

22 مايو 2014

قد تبدو الصورة قاتمة أحياناً، وشديدة السواد أحياناً أخرى، أو مظلمة عند أولئك الملتزمين بدينهم والذين يريدون له العزّة والنصر والتمكين في بلاد الإسلام والمسلمين، قبل أن يكون له ذلك في بلاد الكفار من الغرب والشرق، خاصّة ونحن نرى واقع المسلمين اليوم في العالم العربي والإسلامي يشكو من اضطهاد حكّام ظلمة أو طغمة حاكمة أو اعتلاء أرذل الناس أخلاقاً وأكثرهم جهلاً للمناصب العليا في الحكم والسياسة والاقتصاد والقضاء والإعلام في كثير من الدول العربية تحديداً والإسلامية عموماً، وقد تبدو الصورة وردية جميلة ومبشّرة لدى أولئك العلمانيين والليبراليين وأعوانهم ومؤيديهم في الداخل والخارج، عندما يرون انحصار دور الإسلام في المساجد دون سائر الأماكن، وانحصار دوره في أحكام الزواج والطلاق دون سائر الأحكام في دهاليز المحاكم الفاسدة، وانحصار دوره في برامج الفتاوى وتفسير الأحلام في أروقة القنوات الفضائية الفضائحية الفاسدة أيضاً.قد تبدو الصورة كذلك لدى الطرفين كلٌ حسب هدفه وآماله، فالإسلاميون يريدون له النصر والتمكين في الأرض، والعلمانيون والليبراليون وغيرهم من أعداء الإسلام يريدون له الانزواء والتقلّص والانكماش أكثر حتى يعيثوا في الأرض فساداً كيفما يشاؤون وفق أهوائهم ووفق مخططات أسيادهم في الغرب والشرق، ويقف المسلم البسيط عاجزاً عن تفسير تلك الحرب الدائرة بين الحق والباطل ويتساءل: متى ستنتهي الحرب على الإسلام؟! أو لماذا لا يتركون المسلمين وشأنهم؟ فيأتيه الجواب من فوق سبع سماوات وينطق به الذي لا ينطق عن الهوى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويتلوا قول ربنا تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملّتهم).سألني أحدهم (هل يوجد مشروع إسلامي؟) في أعقاب سماعه لمصطلح (المشروع الإسلامي) الذي كنت قد ذكرته خلال حديثي معه عن الإخوان المسلمين، وفي سياق امتعاضه مما حدث في مصر وتأييده - الضمني - للانقلاب بجدوى أن الإسلاميين لم (ينضجوا) بعد ليحكموا مصر! أو بمعنى آخر علينا الانتظار حتى يستحق الإسلاميون الحكم بما أنزل الله على أرض الله في مصر وغيرها من البلاد، فعجبت وتعجّبت من ذلك السؤال الذي يستحق أن نقف عنده وقفات.إن المشروع الإسلامي أو رسالة الإسلام أو غيرها من المصطلحات التي نقصد بها إيصال هذا الدين العظيم (الإسلام) إلى العالمين ممن لم ينعم الله عليهم بعد باعتناق هذا الدين قبل أن يموتوا على الشرك بالله والعياذ بالله، فتلك هي رسالة الأنبياء ورسالة سيد البشر وحبيب الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، الذي أرسله الله رحمة للعالمين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن الله، ويقيم الحجة عليهم حتى لا يُعذر أحدٌ ممن وصله ذلك المشروع أو تلك الرسالة فلم يؤمن بها إيماناً حقيقياً ويعمل بمقتضاها ويطبّقها فيما بقي من عمره بل ويدعمها وينصر أهلها المستضعفين المظلومين ويأخذ على يد ظالمها ويقف في وجهه ناصحاً ومناهضاً ومعترضاً، فالمشروع الإسلامي هو مشروع ينبغي على كل مسلم أن يساهم فيه ولو بالقليل من الجهد والوقت والمال، ولهذا كانت الأحاديث النبوية الكثيرة تحثّ على فعل الخيرات بشتّى أنواعها والمعروف في أدنى صوره في شكل ابتسامة في وجه أخيك أو كلمة طيبة تلقى بها أخاك المسلم، فتشعره بالأخوة الإسلامية والمحبّة في الله، والمشروع الإسلامي هو كلٌ لا يتجزّأ، فلا يجوز بحال من الأحوال أن نأخذ منه ما نريد ونترك ما يتعارض مع مصالحنا وأهوائنا الشخصية، فمن لا يؤمن بالجهاد (ذروة سنام الإسلام) وسيلة لنشر الدين وإقامة دين الله في الأرض يستوي مع من لا يؤمن بالابتسامة أو الهدية وسيلة لنشر المحبة والرحمة للعالمين كما أوصانا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، في تعاملنا ومعاملاتنا اليومية مع إخواننا المسلمين أو أهل الذمّة من غير المسلمين في ديار الإسلام أو حتى مع الكفار والمشركين الذين لم يؤذوننا.(إن هذا الدين عظيم فأوغلوا فيه برفق)، وهي وصيّة نبويّة عظيمة لمن أراد أن يحمل همّ الإسلام وأن ينقله إلى غيره وينشره في العالمين، إذ عليه أن يفهم الإسلام الصحيح وأن يخوض فيه رويداً رويداً، كما يلج أحدنا في بحر عميق لا يعرف أعماقه ولا أسراره، فالوصول إلى الأعماق يتطلّب علماً غزيراً وفهماً ودراية بمقاصد الشريعة ورأي الشرع في مختلف جوانب الحياة، ولهذا على المسلمين أن يفهموا الإسلام كمشروع أو كرسالة ينبغي إيصالها للعالمين كما ينبغي العمل على إقامة دولتها على أرض الله ولا ينبغي الاستسلام أو اليأس والقنوط بسبب غلبة وانتصار الباطل في جولة من الجولات أو انقلاب أعداء الإسلام على أهل الإسلام في مصر أو غيرها من البلاد، لأن هذا المشروع لا يحمله الإخوان المسلمون في مصر أو غيرهم من الجماعات الدعوية في ديار الإسلام، فحسب وإنما يحمله كل مسلم بين جوانحه وينبغي أن يعيش وأن يموت وهو مازال يحمل همّ نصرة الإسلام والمسلمين، ولهذا فإن من لم يحدّث نفسه بالجهاد يُخشى عليه أن يموت وفيه خصلة من النفاق! إذ لا يستوي رضاه بواقع المسلمين المؤلم مع رضاه بأن لا ينصر الإسلام ولو بالقليل من الجهد أو المال أو حتى النيّة في الجهاد ونصرة الدين!وعليه، فإننا نستطيع القول بأن كل جماعة أو فرد من المسلمين إنما يخدم الإسلام كمشروع وقد يضرّه من حيث يدري أو لا يدري، فكما أن جماعة طالبان قد خدمت مشروع الإسلام برؤيتها الخاصة فإن الإخوان المسلمين قد خدموا مشروع الإسلام برؤيتهم الخاصة وهكذا الحال مع بقية الجماعات والأفراد من العلماء والمفكرين والتجّار والسياسيين والاقتصاديين والكتّاب والإعلاميين، وكل مسلم ومسلمة ممن يهتدون بهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعده من الخلفاء والصحابة والسلف الصالح، ولهذا فقد أصبحت القاعدة المعروفة والواضحة للجميع بأن كل جماعة يهاجمها الغرب وأعداء الدين إنما هي جماعة تخدم (المشروع الإسلامي) بشكل أو بآخر أو تساهم بجهودها للوصول إليه، ولهذا فقد هاجم الإعلام الغربي والعربي (المتصهين) معه مشروع طالبان رغم أنه بشهادة الكثيرين قدّم صورة طيبة عن الإسلام والمسلمين لا كما شوّهها ذلك الإعلام، وكذلك الحال مع جماعة الإخوان المسلمين التي يعاديها الغرب وعملاؤهم من حكّام المسلمين، فالقاعدة البسيطة المجرّدة تقول (كل من يعاديه الغرب وأعداء الإسلام ويعملون على تنحيته ومهاجمته بالتواطؤ مع حكّام المسلمين - في الغالب - إنما يخدم المشروع الإسلامي) ولهذا تتساءل: لماذا لا يهاجم الغرب وحكّام المسلمين المشروع الصفوي الشيعي المجوسي أو الجماعات الصوفية المبتدعة مثلاً وغيرها من الجماعات والفرق المنحرفة والضالّة؟! الجواب ببساطة.. لأنها ليست مشروعاً إسلامياً وإنما مشاريع معادية للإسلام وتخدم المشروع الصهيوني الصليبي الصفوي المجوسي في نهاية المطاف.