26 أكتوبر 2025

تسجيل

الاحتفاء بالرسول شعرًا

22 أبريل 2016

يحق لأمة الإسلام أن تحتفي بخير الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الرحمة المهداة، وصاحب الخلق العظيم، وهو الذي أخرج العرب من فقر الصحراء المادي والمعنوي إلى رحاب الحضارة والرقي والغنى المادي، وهو الذي صنع من العرب أمة حقيقية لم تكن أكثر من قبائل متناحرة لا تلوي على شيء، فنقلها بإذن الله تعالى من داحس والغبراء إلى القادسية واليرموك، ومن الاقتتال على "جمل" إلى القتال في سبيل الله ليخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والأخرة ومن ظلم الأديان إلى عدل الإسلام.ليس من قبيل الصدفة أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو الشخصية المحورية لأمتنا العربية الإسلامية، فالعرب هم مادة الإسلام، وهم وتده وسيفه وقلمه، وهذا لا يتعارض مع كونه رسولا للعالمين وليس لقوم دون غيرهم، وهو الذي حارب العنصرية والعبودية بقوله: "لا فضل لعربي على أعجمي ولا ‏ ‏لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى".سيدنا محمد، الرحمة المهداة، كان محل حفاوة بالغة في الحي الثقافي "كتارا" في قطر، وهو الحي الذي طالما احتفل بالرسول الكريم، بإحياء سنته في كل أشهر السنة، خاصة رمضان، ونظم المحاضرات والندوات التي تستعرض سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن أقوى وأكبر حدث نظمه الحي الثقافي هو مسابقة "جائزة كتارا لشاعر الرسول" التي تعتبر الأضخم من نوعها عربيا، وربما عالميا، وهو أول نشاط إسلامي ثقافي ينظم على مستوى العرب في عصرهم الحديث.هذه المسابقة الشعرية التي استحوذت على الاهتمام والأرواح والقلوب جذبت مئات الشعراء من كل أنحاء الوطن العربي، شعراء يتغنون بسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، باستخدام أبهى وأجمل ما يعرفه العرب في حياتهم.. الشعر، الذي يعتبر ديوان العرب بلا منازع.يعتبر الشعر قمة الإبداع الفني والأدبي العربي، ولهذا كان يحرص العرب على شعرائهم ويعلون من قيمتهم، بل وصل الأمر إلى تعليق الشعر على جدار الكعبة، إكراما لهؤلاء الشعراء، وفي الإسلام أيضًا حظي الشعراء بمكانة خاصة، فقد خلع الرسول صلى الله عليه وسلم بردنه على كعب بن زهير، وحث شاعر حسان بن ثابت رضي الله عنه على التصدي للمشركين، وقال له يوم قريظة: "اهجهم وروح القدس معك".. أن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله.ليس غريبا على الحي الثقافي "كتارا" أن تحتفي بالشعراء الذين ينافحون عن الرسول صلى الله عليه وسلم شعرًا، فالجائزة تسير على ذات المسار القويم للدفاع عن الرسول وزرع القيم الإسلامية. وهذا ما أعطى لجائزة كتارا لشاعر الرسول بعدا إضافيا وجعلت شعارها "تجمل الشعر بخير البشر"، وكانت الجائزة الكبرى من نصيب الشاعر العماني جمال بن عبد الله الملا الذي فاز بالمركز الأول عن قصيدته "النبي"، ونال جائزة مالية قدرها 300 ألف دولار أمريكي، وفي الوصافة جاء الشاعر المصري أحمد بخيت عن قصيدته "المشكاة"، وحاز على مبلغ مالي قدره 200 ألف دولار أمريكي. واحتل الشاعر العراقي شاكر الغزي المركز الثالث عن قصيدته "قمح لقوافل الجياع"، وحاز على 100 ألف دولار أمريكي، وحل الشاعر العراقي مسار رياض في المركز الرابع عن قصيدته "صائغ الحياة"، وحصل على 50 ألف دولار أمريكي، بينما جاء الشاعر المغربي خالد بودريف خامسا عن قصيدته "السراج المنير"، ونال مبلغا ماليا قدره 25 ألف دولار أمريكي.هذه الجائزة الكبرى التي تحتفل بخير البشر حققت هدفها باستقطاب إبداعات المبدعين بلا تحيز ولا تمييز إلا في الفن والشعر، وكان هذه سببا في نجاحها الكبير محليا وعربيا، ولعل ما قاله الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي، المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا، من أن الجائزة "حققت هدفها المتمثل في استثمار الشعر في إبراز رسالة الإسلام السمحة، والذود عنها ضد المغرضين من أصحاب النفوس المريضة الذين يسعون إلى تشويه ديننا الحنيف".جائزة كتارا لشاعر الرسول علامة فارقة في العمل الثقافي الهادف في العالم العربي، ويكفي 828 شاعرا شاركوا في المسابقة، تم اختيار 30 منهم للتنافس على التصفيات النهائية، تم اختيار 5 فائزين منهم بنزاهة وشفافية ودقة.جائزة كتارا لشاعر الرسول هو النشاط الأبرز والأضخم للحي الثقافي "كتارا" ويتربع على قمة فعاليات كتارا إلى جانب جائزة كتارا للرواية العربية وغيرها من النشاطات الثقافية والتراثية التي تجذب الناس من كل حدب وصوب. وهذا ما يجعل من كتارا أهم مؤسسة ثقافية في العالم العربي حاليا.