16 سبتمبر 2025

تسجيل

عاصفة الحزم ورأس الأفعى

22 أبريل 2015

بشر وزير الخارجية رياض ياسين المؤيدين والمعارضين لعاصفة الحزم بأن بعد الشدة وآلام الحرب النفسية والاجتماعية والاقتصادية رخاء واستقرارا، قائلا أثناء وجوده في دولة الكويت: "عندما تعود الشرعية سيكون هناك مشروع لإعادة الإعمار والتنمية والبناء، وهو عبارة عن مشروع مارشال عربي أسميه مشروع سلمان التطويري لليمن". وبينما تنهي عمليات عاصفة الحزم مرحلتها الأولى المتمثلة بالضربات الجوية أكد المتحدث باسم العاصفة أن مرحلة جديدة بدأت ليتقلص خلالها نطاق الغارات ويتم التركيز على استهداف ميليشيا الحوثي على الأرض وحماية المدنيين ودعم عمليات الإغاثة. وهنا يطرح اليمنيون كثيرا من الأسئلة أهمها: لماذا لم يستهدف القصف قصور الرئيس المخلوع ومخابئه؟ لماذا لم تزود المخابرات الأمريكية غرفة عمليات العاصفة بمواقع وتحركات عبد الملك الحوثي؟ كيف سيكون هناك حل سياسي ورأس الأفعى لا يزال يلدغ اليمنيين؟ كيف سيتم البدء بعملية سياسية والثعلب الماكر لا يزال حرا طليقا يمارس هواياته الانتقامية؟ هل سيبدأ اليمنيون بعد عاصفة الحزم حوارا جديدا تتخلله مؤامرات ومكايدات وتدخلات، أم أنهم تحاوروا بما فيه الكفاية ولم يبق سوى تطبيق نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل؟لا شك أن الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح فقد توازنه بعد الضربات الجوية التي لم يكن يتوقعها مطلقا لأنه كان يتكئ على دهائه ومناوراته وتلاعبه وكذبه على الداخل والخارج، لذلك أصبح يتصرف بهستيرية متنقلا من مكان إلى آخر خوفا على حياته، إلى درجة أنه حسب مصادر مقربة يلجأ يوميا إلى تفتيش كل حراسه ويجرد بعضهم من سلاحه الشخصي لكي لا يتعرض للتصفية من أقرب الناس إليه، لأنه يدرك أن عامة الشعب وحتى المقربين منه ضاقوا ذرعا بسلوكه السياسي ويرون أن الخلاص من هذا الوضع الكارثي يتمثل في عدم بقائه في المشهد السياسي اليمني تحت أي ذريعة. من جهة أخرى يرى يمنيون أن عبد الملك الحوثي لا يقل وجوده خطورة على استقرار البلاد من خطورة صالح، لأنه يتقمص صفات المرشد المخلص ويحيط نفسه بهالات من القداسة والاصطفاء فهو أكبر من أن يكون زعيما لجماعة سياسية، بل إن أي تسوية سياسية يجب أن يكون هو مرشدها ولو أرسل بركاته من دهاليز كهوف مران بمحافظة صعدة.الأزمة اليمنية أصبحت شأنا إقليميا ودوليا بامتياز لذلك نرى مبادرات من أطراف عدة، حيث قدمت إيران مبادرة من أربع نقاط لبدء تسوية سياسية، وعندما قوبلت مبادرتها بالرفض المطلق من وزير الخارجية اليمني ودول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، تحاول طهران بذل مساعٍ غير مباشرة عبر سلطنة عمان لإنقاذ الحوثيين والرئيس المخلوع بعد تقلص سيطرتهم العسكرية على الأرض وتعقب حركة مليشياتهم من الجو، وفي المقابل اتساع رقعة المقاومة الشعبية مسنودة بالقوات المؤيدة لشرعية الرئيس هادي وانتصاراتها المتتالية في عدن وتعز ومأرب، لذلك تجري الخارجية العمانية اتصالات مع أطراف يمنية وعربية من أجل احتضان العاصمة مسقط حوارا يتركز حول نقاط محددة أهمها بقاء عبد ربه منصور هادي في منصب رئاسة الجمهورية لحين إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وانسحاب الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع من المناطق التي سيطروا عليها وتسليم كل الأسلحة للمؤسسة العسكرية.وهي نقاط قديمة ذكرت في اتفاقيات سابقة أبرزها اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي وقع في أوج انتصارات الحوثيين وسيطرتهم على صنعاء في 21 سبتمبر 2014 وظل حبرا على ورق. بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على انطلاق عاصفة الحزم وتدمير معظم أهدافها الإستراتيجية المتمثلة في إضعاف قدرات ميليشيا الحوثي والقوات الموالية لصالح برز خلاف داخل القيادة اليمنية الموجودة في العاصمة السعودية الرياض، حيث يرى فريق الرئيس هادي أنه يجب توسيع رقعة العقوبات الدولية لتشمل معاونين للرئيس المخلوع وعلى رأسهم أبو بكر القربي وزير الخارجية السابق ورئيس جهاز الأمن السياسي حمود الصوفي بينما يرى فريق نائب الرئيس خالد بحاح أنه يجب استقطاب وتشجيع أعوان المخلوع على القفز من المركب المتكسر وترك صالح وأقاربه ومن يرتبطون معه برابطة الدم يواجهون مصير الغرق. وفي المقابل رشحت معلومات تقول إن هناك تباينا في وجهات النظر بين بعض دول مجلس التعاون قبل انعقاد القمة الأمريكية الخليجية المقررة في كامب ديفيد منتصف مايو المقبل، حيث ترى دول ضرورة معاقبة الرئيس المخلوع وحتى استهدافه من قبل طائرات العاصفة، في حين ترى أخرى ضرورة ممارسة ضغوط سياسية من أجل التوصل إلى حل سياسي وإجبار الحوثيين والرئيس المخلوع وحزبه على تقديم تنازلات وإن كانت قاسية. لكنني أعتقد أن أغلب اليمنيين الذين أيدوا عاصفة الحزم ورفعوا في مظاهراتهم المنددة بممارسات الحوثي وصالح أعلام الدول المشاركة في التحالف، وقبلوا على مضض ما حل ببلدهم من خراب ودمار، لن يقبلوا بأن يكون المخلوع جزءا من أي تسوية سياسية ليمارس العبث من جديد، بل إن مكانه الطبيعي وراء قضبان محكمة الجنايات الدولية، لا يوجد شعب دلل رئيسا مثل اليمنيين، فعندما كان يحكم وينهب ثرواتهم يصفقون، وعندما ضاقوا ذرعا بفساده وجرائمه خلعوه، لكنهم قبلوا بمنحه الحصانة وأن يعيش بينهم، بل ويمارس العمل السياسي، أما اليوم فقد نفد صبر الداخل والخارج ولابد من تحقيق مقولة: آخر الدواء الكي.