14 سبتمبر 2025

تسجيل

خريطة طريق للمواطن العربي

22 أبريل 2014

المواطن العربي بصورة عامة مغلوب على أمره، وخياراته لا تزال محدودة في مواجهة تحدياته، فهو يتعرض لضغط إعلامي سلبي يستهدف التأثير على قراراته، فضلا عن أن هذا الإعلام في غالبه يعمل على سحبه إلى فضاءات انصرافية غير مجدية ولا تسهم في بنائه معرفيا وفكريا بصورة صحيحة، وبالتالي تسطيحه وإبقائه بعيدا عن الأفكار الكبيرة والمهمة على الصعيدين الذاتي والاجتماعي.من المهم جدا للمواطن العربي ألا يفكر كثيرا في السياسة ويتعامل معها على أساس المثل "أعط الخبز لخبازه" لأن الممارسة السياسية تتطلب جهدا لا يتوفر لفرد لمجرد أنه يبدي رأيه الذي قد لا يكون مطلوبا أو ذي تأثير في المجريات وإنما قد يؤزم الرؤية العامة للأحداث، وبالتالي فإن البعد عن السياسة ومشاكلها غنيمة وراحة بال، ولكن تبقى مشكلتنا مع الإعلام الذي يعمل على إفراغ العقول من فكرها والنفوس من محتواها الجميل والنبيل.حينما يقوم بأمر الإعلام من ليسوا إعلاميين أو أنصاف مواهب يمكن أن يصبح ذلك مثل السلاح الخطير بيد طفل، أولئك يشوهون الحقيقة ويزيفون الواقع ويضللون المشاهدين، رغم أنه يمكن الرهان على أن الثقة أصبحت تتراجع في وسائل الإعلام والإعلاميين، إلا أن قوة الحضور الإعلامي لا تزال تسيطر على المتلقين، وبالتالي يستمر الخطر.مع تطور التقنية وانتشار الفضائيات تكاثرت القنوات التلفزيونية مثل النبت الشيطاني، وأصبح القائمون على العملية الإعلامية تجار كلام بعضهم يعمد إلى تسطيح المشاهدين وإغراقهم في قضايا غير ذات جدوى، وبعضهم يقدم أسوأ ما عنده على أنه أفضل ما يمكن تقديمه، وهكذا أصبح المواطن العربي ضحية لوسائل إعلام تجارية لا تحمل أو تحتمل رسالة أو فكرة رسالية تهدف لرفع الوعي ونشر المعلومة الموثوقة، وبدلا من ذلك ارتفع الضجيج والسباب والشتم والقذف في الأعراض والتخوين والتشويه والضرب تحت الحزام.نظرة إلى إعلام ما بعد الثورات العربية تكشف إلى أي مدى تدهورت الصناعة الإعلامية التي تهدم كل قيمة في الأجيال وتجرفهم إلى ترهات ومزالق غير أخلاقية هي بالضبط ما يعمل الإعلام في حقيقته على محاربته ومكافحته، ولذلك من الأفضل للمواطن العربي ألا يكون ضحية لإعلامه وأن ينصرف إلى خيارات بديلة يتلقى عنها معلوماته ومعارفه ويتجاهل الإسفاف واللغات السوقية التي استشرت في فضائيات تقدم أسوأ السوء وتخنق أي برامج ومشروعات هادفة لرفع وعيه ومواجهة تحديات المستقبل.