20 ديسمبر 2025

تسجيل

أحداث غيرت مجرى التاريخ

22 مارس 2021

يفرض الجرد الأمين لأحداث جسيمة جدت على مدى السنة الماضية على كل راصد أو متخصص في العلاقات الدولية وحركة الحضارة أن يتوج فيروس كورونا على أعلى منصة في التأثير المباشر والعميق في مجرى كل الأحداث، بما فيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأن هذا العدو المجهول والمنسي طيلة قرون فاجأ البشرية جمعاء بانتشاره السريع في القارات الخمس وبديمقراطية عجيبة وعدل كامل، حيث لم يفرق بين أمم فقيرة وأمم غنية ولا بين جنس أبيض مغرور وجنس ملون مقهور، والدول لم تكن مستعدة هي الأخرى للتصدي لهذا الوباء فاختلفت ردود أفعال الحكومات من قرار ضرب الحصار على شعوبها إلى الاستهانة بالجائحة ووجدت نفسها أمام خيارين أحلاهما مر، إما إعلان شامل أو جزئي لأسابيع من الحجر مع إغلاق المحلات التجارية والمصانع والمطارات وأندية الرياضة ودور العبادة وإما اختيار ترك الناس أحراراً والمراهنة على استمرار الحياة العادية دون ضوابط. وبالطبع عكفت الدول ذات التقدم العلمي والطبي على التسابق والتنافس لاكتشاف دواء للداء أو لقاح ناجع وتحول الجري وراء الدواء واللقاح إلى ساحة وغى لتحقيق الأرباح، وتراوحت الاكتشافات بين النجاعة العلمية المعترف بها من قبل المنظمة العالمية للصحة وبين أصناف من الشعوذات المضللة حتى أصبح هذا المجال مرتعاً للسياسة والشعبوية على حساب صحة البشرية ولعل ما وصلت إليه المختبرات من لقاحات جدية ثبتت فعاليتها في الحد من انتشار الفيروس هو الأمل الإنساني المشترك للعودة إلى حياة يومية عادية بعد وفاة ضحايا الفيروس القاتل، ولم تقف الحياة السياسية مع الفيروس طبعاً، فكان أبرز حدث غير كل ملامح العلاقات الدولية وفرض تأثيره على كل الدول، هو فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن ليكون الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة منذ يوم 20 يناير 2021 بعد تسونامي رهيب وعجيب كاد يزلزل الأمة الأمريكية والعالم، تمثل كما رأينا على المباشر في اكتساح أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب مقر الكونغرس وهتك ما يمثله من رمزية الديمقراطية الأمريكية وهو أحد أركانها، بل أشدها توجيهاً للسياسات الأمريكية والولايات المتحدة هي إلى اليوم أعظم قوة عسكرية ودبلوماسية وثقافية في العالم بلا منازع حقيقي. هذه الأحداث الداخلية اضطرت إدارة الرئيس بايدن إلى تحوير العقيدة الأمنية والعسكرية الأمريكية بإعطاء الأولوية لما سماه الرئيس بايدن بـ "العدو الداخلي"، أي حسب تقرير مجلس الأمن القومي فقد تشكلت في غفلة مريبة من الإدارة السابقة مجموعات متطرفة من اليمين العنصري الأمريكي التقليدي أو المستجد لتتحد فصائلها من أجل تطهير عرقي شامل، لعلها وجدت في بعض مواقف الرئيس ترامب عن صواب أو عن خطأ ما يعزز معتقداتها المريضة وانحرافاتها الخطيرة بل واتخذت منه رمزاً لأمريكا البيضاء الإنجيلية المحاربة كما يطمع قادة هذه التيارات المتعصبة العمياء منذ الماضي الأسود لميليشيات (كو كلوكس كلان) في الأربعينيات والخمسينيات إلى انتشار سريع لوسائل الاتصال الاجتماعي التي وظفها زعماء اليمين لتعبئة رأي عام أمريكي وأوروبي لا يحمل ثقافة كونية القيم والمثل. ولعل أكثر الأحداث تأثيراً على الصعيد الإقليمي هو بلا منازع بيان العلا الذي أعاد المياه الخليجية إلى مجراها إلى جانب وساطات السلام التي تقوم بها الدبلوماسية القطرية لإنهاء الحرب الأفغانية الأمريكية ثم اللقاء الثلاثي حول الأزمة السورية بين روسيا وتركيا وقطر. [email protected]