31 أكتوبر 2025
تسجيليظن كثير منا أن الخير الذي نقدمه ربما يذهب هباءً، لكنه أبداً لا يكون كذلك، وفاعل الخير سيجده حتما ذات يوم بأشكال وألوان مختلفة، والحقيقة أن المتأمل في صفات الله تعالى سيجد أنه سبحانه وتعالى هو الخير المطلق، وسيجد ايضا اسمه سبحانه وتعالى "العدل"، وفي هذا حث واضح على أن الله يحقق أسماءه فينا بفعله، فمن يعمل خيراً يجد خيراً ومن يعمل جميلا ومعروفا يجازى عليه وزيادة لأن الله هو العدل.ولقد قرأت مؤخرا حكاية مفادها أنك إن فعلت خيراً مهما كبر أو صغر سيجازيك الله عنه خيراً مهما كان دينك أو عرقك فهو رب الجميع وهو الكريم "العادل" رب العالمين.تقول الحكاية..كان هوارد صبياً فقيراً يضطر للعمل كي ينفق على تعليمه، وذات يوم انتهت النقود مع هوارد ولم يبق معه شيء، وكان جائعاً جداً ومتعباً، وعلى الرغم من كرامته وعزة نفسه، إلا أنه لم يجد بداً من الذهاب الى أحد بيوت الأثرياء بالحي.. وطرق الباب طلباً للمساعدة، فتحت له سيدة جميلة جدا، وعندما رأت حالته، رق قلبها لأجله وأدخلته الى بيتها وسألته عما يريد، خجل أن يقول لها انه يريد أن يأكل فقال لها انه يريد أن يشرب، فأعطته السيدة كوبا من الحليب شربه وشكرها وسألها عن ثمنه، فقالت له: لقد علمتني أمي ألا آخذ ثمناً للمساعدة، ولكن إن أردت رداً للدين ادفعه لي عندما تعمل.بعد أعوام كثيرة مرضت السيدة الجميلة مرضا عضالاً عجز الأطباء عن علاجه، فأرسلوها إلى مستشفى بولاية أخرى ليقوم فريق طبي متخصص في هذا المرض النادر بعلاجها، ودخل الطبيب المعالج ليطمئن على السيدة، فدهش بشدة عندما رآها، نعم كان الطبيب هو "هوارد كيلي" نفسه، لم يذكّر هوارد السيدة بنفسه، ونجح بمعاونة فريق العمل في علاجها من مرضها العضال، وبعد انتهاء العلاج تسلمت السيدة مظروفاً في غرفتها بمصاريف المستشفى، فهي ليس معها نقود، فتحت الظرف بقلب مرتعش فقد تبدل بها الحال وأنفقت على مرضها كل ثروتها، ففوجئت بجملة واحدة مكتوبة بالايصال:لقد دفعت تكاليف العلاج مقدماً بكوب من الحليب "هوارد ستيوارت"ويقول العلماء إن الخير لا يعود فقط على من قدم له أو من صنعه بل إنّ لعمل الخير فوائد عظيمة للفرد والمجتمع على حدّ سواء، ففيه كسب رضا الرحمن، ونيل محبة الناس، وازدياد الألفة والوئام بين صفوفهم، وتشجيعهم على التعاون الإيجابي فيما بينهم، كما أن فيه إغاثة المحتاجين، والتخفيف عن الملهوفين، وإنقاذ المضطرين، كما فيه رقي المجتمع وتقدمه، وتحقيق نهضته واستقراره، فعمل الخير هو الصورة المشرقة، التي تعبر عن إيجابيّة العلاقة التي تربط بين أبناء المجتمع الواحد، والفهم السليم لرسالة إسلامنا العظيم، في إذكاء روح التعاون، وإرساء أسسه، والتشجيع عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مثَلُ المؤمنينَ في توادِّهم وتعاطفِهم وتراحُمِهم كمثلِ الجسدِ الواحدِ إذا اشتَكى منْهُ عضوٌ تداعى لَهُ سائرُ الأعضاءِ بالحمَّى والسَّهَرِ".وأخيراً هي دعوة لعمل الخير وإفشاء روح المحبة ودعم الجميع فيما بيننا، وهذا تذكير لنفسي أولا قبل أي أحد آخر، فعل الخير هو الصدقة الجارية والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل، وسلامتكم.