13 سبتمبر 2025

تسجيل

بندقية طفل

22 يناير 2013

أي نزعة إنسانية، لا يمكن لها أن تتخذ منحنىً سلبيا، أياً كانت الطريقة أو حتى الوسيلة التي تم انتهاجها إلى هذه الغاية، والعكس صحيح تمامًا. ولأن العالم بحروبه، وأسلحته، وتصادم توجهاته، وتعدد طوائفه، واختلاف مذاهبه، غدى يلتحف مداراً حزيناً، ووجهًا قد يكون مرعبًا، نرى ويرى الجميع، أنه بات بطبيعته أضعف إنسانيةً، وأقل احتراماً للإنسان، من قِبل الإنسان نفسه. و إذا قلت " أقل احتراماً للإنسان "، فأنا أعنيه بجميع مراحله العمرية، ابتداءً من الطفولة وحتى المشيب، والأدهى والأمر، أن يكون كذلك في ظل ضياع حقوق الطفل، الذي سيكون يوماً شيخاً، فيما لو كان حياً. حق الطفل، هو حق على الجميع، حتى العابرين من البشر في الوجود، الذين قد لا تكون لهم علاقة مباشرة بالأطفال، كاعتبارهم أشخاص بلغ بهم الرشد، ما أخرجهم من دائرة سفه السن والإدراك الطفولي. ولأن العبور ما كان إلا من خصائص الطريق، ولأن الطريق مكان يمر عليه الأبناء، فهو بطبيعة الحال تُعتبر بيئة عابرة، يُلتقط منها نوعية الحديث، والكلمات، وحتى نوع الحياة الحالية القائمة في البيئة المحيطة، والجو العام. ولعلي أقول ذلك بعد أن صادفني مقطع فيديو لأطفال " سورية "، يسألهم الصوت الراشد أنه وقد مرت للتو " قذيفة هاون "، فيتم تصحيح المعلومة من قبل أحد الأطفال، ان الذي مر للتو "صاروخ واثنين"..! كنت أتساءل أي انتهاك للطفولة ذاك، وثقافتهم في الحديث "صاروخ " وألاعبهم البندقية، أي انتهاك للطفولة وهوايات الأطفال تبدلت، وخيالاتهم تغيرت، كيف يُجهض الحلم، وتُغتال الأمنية. كيف سلّم قلب الأم أمره، وقد تركت أطفالها في طريق الثلج يلعبون، هذا إن كانت الأم لا تطل عليهم من غيمة في السماء، بعد أن اغتالتها رصاصة الأرض. في وقت كهذا، أنا لا أُبصر إلا الكون بالوجه الحزين، العاجز من أن يقوّم من إنسانية الإنسان ذاته، يُحيط به البؤس من الجهات كلها. فإذا كنا من العجز ما لم نستطع أن نكون جداراً آمناً للأطفال، وما حلنا دون ترويعهم وخوفهم وجوعهم، وتهشم مستقبلهم، فإننا ونحن نبصرهم، أشد بؤساً، وأحرق قلباً، وأعظم أسىً، من أي فرحة علّها تعبر. يقول محمود درويش: " الزمن هناك لا يأخذ الأطفال من الطفولة إلى الشيخوخة ولکنه يجعلهم رجالاً في أول لقاء مع العدو". لعل الأعظم هو يقيننا بأن في كُنه الألم حكمة، وفي باطن الشر خيراً، ونؤمن بتقدير العزيز العليم، فاللهم ارحم ضعفهم وقلة حيلتنا، اللهم اجعل هذا البلد آمناً وسائر بلاد المسلمين.