13 سبتمبر 2025
تسجيلالفكر الإرهابي بحاجة إلى بيئات حاضنة أكثر من عقول غير مستقرة وليست متزنة أو متوازنة، وتلك البيئات في غالبها فوضوي ولا تثبت على حال بما يسمح بنشر الفكر وإعلان ميلاد أجيال تبحث عن النظام، مما يوجد نوعا من التوهم أو الوهم الديني أو الاجتماعي الذي يطلق الخيال في تفسير كل شيء وتخطئة كل سلوك أو تصرف، أي نوجد حالة من التطرف تهيئ لاحقا للإرهاب كفعل إجرامي يمكن وصفه بمواصفات جنائية أو قانونية يتكيف معها الفعل ومن يقوم به. تنظيم القاعدة قد يوصف بأنه إرهابي من واقع نشاطه الذي يستهدف استقرار الدول والمجتمعات وينشر الرعب وسط المجتمعات والسلطة التي يتعارض معها، ولكن ذلك لم يكن يأتي لولا بذرة التطرف التي أقنعت أتباع التنظيم، فجعلتهم يستعصمون بأفكارهم الدينية الخاصة، ويقصون غيرهم عن المعادلة الدينية وبالتالي تخطئتهم وهنا تنشأ المفارقة بين فكرين أو سلوكين تنشأ عنها شرارة الاشتعال الإرهابي. حاربت الولايات المتحدة الأمريكية هذا التنظيم بكل قوتها في كل مكان بالأرض، وحين تمكنت من زعيم التنظيم أعلنت انتصارها المهم، وذلك كان تعاملا ساذجا وسطحيا مع وضع أمني وليس حالة أمنية، بدليل ما اعتبره خبراء ومسؤولون أمريكيون أن إعلان الانتصار على القاعدة بعد مقتل زعيمها أسامة بن لادن كان سابقا لأوانه، مشيرين إلى خطر تنظيم القاعدة المتنامي في سوريا، بل وذهبوا إلى أن تنظيم القاعدة الداعم لجزء من الحرب في سوريا هو اليوم أقوى وأخطر من أي وقت مضى. الآن أصبحت سوريا بيئة حاضنة للتنظيم، وتلك محصلة سيئة للغاية تؤكد عدم انتهائه، فالفوضى السورية هي تلك البيئة الملائمة لبروز وإحياء التنظيم وأي تنظيمات أخرى ذات صبغة متطرفة، وذلك لأنه لم يتم التعامل مع التطرف أو الإرهاب كحالة أمنية وإنما كيانات يمكن حسمها بالقوة العسكرية أو المخابراتية، وكأن الأمر وضع للعربة أمام الحصان، وذلك يعني عكسا لآلية ومنهج التعاطي مع الوضع. يحتاج أي تنظيم أو كيان أو جسم متطرف للاحتواء، يمكن أن يكون ذلك مطابقا لسياسة الاحتواء الأمريكية السابقة في التعامل مع الشيوعية في عقر الدار الأمريكية، أو احتواء قنبلة نووية في مكان ضيق حتى إذا انفجرت مع فشل الخبراء في تفكيكها، يكون ضررها محدودا، أما وقد توهم الأمريكان قضاءهم على التنظيم فإن الحال يعود إلى المربع الأول ليواجهوا أسوأ الكوابيس.