21 سبتمبر 2025
تسجيلفاجأت انتخابات المرحلة الأولى من الانتخابات المصرية الجميع بما فيهم جماعة الإخوان المسلمين نفسها التي حصلت على نسبة لم تكن تتوقعها على الإطلاق وفقا للحسابات السياسية والانتخابية التي أجرتها، والتي كانت تقوم على أن تلك المرحلة التي تضم المحافظات الحضرية لن تتمكن خلالها سوى من الحصول على حوالي 20 بالمائة من المقاعد، بسبب عدم وجود معاقل أساسية لها فيها، فضلا عن أن كافة القوى السياسية الأخرى لها تواجد شعبي في هذه المحافظات، خاصة من قبل الكتلة المصرية التي يؤيدها المسيحيون الذين يتواجدون بكثافة في محافظات الإسكندرية والقاهرة، وكذلك الأمر بالنسبة للسلفيين الذين يتركزون بالأساس في القاهرة والإسكندرية وكفر الشيخ. كانت حسابات الإخوان تقوم على أن الثقل الأساسي للجماعة موجود في محافظات المرحلتين الثانية والثالثة، حيث معاقلهم الأساسية في المحافظات الريفية في شمال مصر وكذلك في بعض محافظات الصعيد، إذ لا يوجد حضور كبير للقوى السياسية الأخرى باستثناء محافظة المنيا التي توجد بها كتلة مسيحية سوف تصوت لمرشحي الكتلة المصرية. لذا كان الإخوان يتوقعون الحصول على نسبة تصل إلى أكثر من 70 بالمائة من مقاعد المرحلتين الثانية والثالثة ليصل إجمالي المقاعد التي تحصل عليها في كافة المراحل إلى حوالي 50 إلى 60 بالمائة، وهو ما يضمن لها أغلبية في البرلمان القادم تحميها من اللجوء إلى التحالف مع القوى السياسية الأخرى، فضلا عن تمرير أجندتها الأساسية الخاصة بعملية بناء النظام الجديد بالتحالف مع المؤسسة العسكرية. فكما أشرنا من قبل، فإن الجماعة تعمل على عقد صفقة مع الجيش تقوم على أساس دعم مرشح الجيش لمنصب رئاسة الجمهورية – والذي لم يظهر حتى الآن – في مقابل مساعدة الإخوان على بناء النظام الجديد على أسس ديمقراطية، والذي لن يتم دون السيطرة على الأجهزة الأمنية، خاصة جهاز الشرطة الذي يتخذ موقفا عدائيا من التيار الإسلامي وبالأخص الإخوان، بناءً على أسس فكرية تربى عليها أبناء تلك الأجهزة خلال الستين عاما الماضية. لكن نتيجة المرحلة الأولى للانتخابات قلبت كل الموازيين، فقد جعلت من مهمة سيطرة الإخوان على البرلمان عملية ميسورة، في حين دفعت القوى السياسية الأخرى إلى مراجعة حساباتها ووضع خطط جديدة للحيلولة دون تقدم الجماعة في المرحلتين المتبقيتين بنسب عالية. لذا اجتمعت فضائل التيار العلماني ممثلة في الكتلة المصرية ذات الاتجاه الطائفي والثورة مستمرة ذات الاتجاه اليساري والأحزاب المنبثقة عن الحزب الوطني المنحل والتي تعرف بأحزاب الفلول، من أجل وضع خطة لوقف تقدم الإخوان تقوم على أساس إقامة تحالف انتخابي بينهم لمنع تفتيت الأصوات والتكتل لإنجاح مرشحيهم. وكانت المفاجأة الكبرى هي اتجاه حزب النور السلفي للوقوف في مواجهة الجماعة متحالفا مع التيارات العلمانية التي كان يعتبرها في مرحلة سابقة مجموعة من الكفار، من أجل تحقيق نفس الهدف، خاصة بعد أن تكبد الحزب خسائر فادحة في مواجهة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان في الدوائر التي كان يتنافس فيها الحزبان، حيث دارت بينهما معركة انتخابية كبيرة استخدم فيها حزب النور كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة من أجل حصد المقاعد في مواجهة مرشحي الحرية والعدالة، وصلت إلى حد الدعاية لمرشحي الفلول في مواجهة مرشحي الإخوان كما حدث في الإسكندرية. وهذا الأمر ينذر بالمواجهة الحادة التي ستقع مع بدء المرحلة الثانية من الانتخابات، حيث أصبح واضحا أن كافة القوى السياسية أصبحت تتكتل ضد الإخوان من أجل اقتناص أكبر قدر ممكن من المقاعد التي يتوقع أن تحصل عليها الجماعة. وتبقى الكلمة الأخيرة للشعب المصري لتحديد نتيجة الصراع القادم الذي يقف فيه الجميع ضد الإخوان.