11 سبتمبر 2025
تسجيلفي أغسطس 1960 نالت قبرص الموحدة استقلالها عن بريطانيا بموافقة القبارصة اليونانيين والأتراك وموافقة الجانب اليوناني على إلغاء خطة الاتحاد مع اليونان والتي يطلق عليها "اينوسيس"، وتم الاتفاق أن تحكم قبرص بموجب الدستور الذي يقسم المناصب الوزارية والمقاعد البرلمانية وظائف الخدمة المدنية على نسب متفق عليها بين الطائفتين. ولكن خلال ثلاث سنوات من الحكم بدأ التوتر يطفو على السطح بين القبارصة اليونانيين والأتراك.لكن الرئيس القبرصي اليوناني مكاريوس أقدم سنة 1963على تعديل 13 مادة من الدستور، الأمر الذي رفضه القبارصة الأتراك، وتقدموا بشكوى إلى المحكمة الدستورية ضد التعديلات التي قضت أنها "غير قانونية"، إلا أن الرئيس اليوناني القبرصي تمسك بها وأصر عليها مما أدى إلى استقالة رئيس المحكمة الدستورية من منصبه، وتوصلت عملية الانقسام بعد وضع الحكومة التي يهيمن عليها القبارصة اليونانيون خطة سميت بخطة "أكريتاس" لإزاحة القبارصة الأتراك من الحكومة نهائيا، وإخضاعهم بالقوة إذا رفضوا الاتحاد مع اليونان، مما أدى إلى تصعيد حالة التوتر بين الطرفين، وفي 21 ديسمبر 1963 هاجم أفراد من الشرطة الخاصة التابعة لوزير الداخلية اليوناني ليور غاجيس ومليشيات يونانية قبرصية القبارصة الأتراك في نيقوسيا ولارنكا، وتم اختطاف 700 رهينة من الأتراك من بينهم نساء وأطفال، وبحلول عام 1964 قتل 193 قبرصيا تركيا وفقد 209 آخرين، وتعرضت القرى التركية للنهب على نطاق واسع مما دفع 20 ألف قبرصي تركي إلى مغادرة مناطقهم واللجوء إلى الجيوب التركية المسلحة مكثوا فيها 11 سنة معتمدين على المساعدات الطبية والغذائية القادمة من تركيا، وبذلك سيطرت الإدارة القبرصية اليونانية على كل مؤسسات الدولة في الجزيرة مما دفع القبارصة الأتراك لتشكيل مليشيا شبه عسكرية للدفاع عن أنفسهم بعد أن انقسمت الجزيرة إلى معسكرين متخاصمين.وفي 15 يوليو 1974 قام القبارصة اليونانيون بانقلاب عسكري يدعمهم المجلس العسكري في اليونان، وعزلوا الرئيس مكاريوس من منصبه وتولى نيكوس سامبسون السلطة، مما دفع تركيا إلى التدخل العسكري لحماية القبارصة الأتراك بعد خمسة أيام من الانقلاب وسيطرت على 37% من مساحة الجزيرة، مما أدى إلى فشل الانقلاب وعودة مكاريوس إلى السلطة.وتبادل القبارصة اليونانية والأتراك السكان برعاية الأمم المتحدة عام 1975 وتم إعلان دولة قبرص التركية الفيدرالية في نفس العام تمهيدا للمطالبة بإقامة دولة فيدرالية تتكون من دولتين واحدة للأتراك والأخرى لليونانيين وهو ما رفضه القبارصة اليونانيون والأمم المتحدة، وبعد 8 سنوات من المفاوضات الفاشلة، أعلن شمال قبرص رسميا استقلاله من طرف واحد يوم 15 نوفمبر 1983 باسم جمهورية شمال قبرص التركية، الأمر الذي رفضه القبارصة اليونانيون والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولم يعترف بهذه الدولة إلا تركيا. ولم تعترف جميع الدول العربية والإسلامية بهذه الدولة الوليدة رغم كل الجهود التي بذلت في سبيل ذلك.ومنذ ذلك الحين هيمنت حالة من الجمود السياسي على الجزيرة، وفشلت كل المفاوضات بالتوصل إلى أي حل رغم أن الأمم المتحدة عرضت عام 2004 تسوية تقوم على استفتاء الجانبين، وهي التسوية التي وافق عليها غالية القبارصة الأتراك ورفضها غالبية القبارصة اليونانيين، وفي خطوة تصعيدية أقدم الاتحاد الأوروبي على ضم جمهورية قبرص التي يحكمها اليونانيون إلى الاتحاد، غير مبالين بمطالب القبارصة الأتراك أو حقيقة تقسيم الجزيرة بين الطرفين، مما خلق واقعا سياسيا معقدا في الجزيرة، وكرس حالة الخصام بين الطرفين.