31 أكتوبر 2025
تسجيلبات واضحا للجميع أن حملات شحذ السكاكين الطائفية والعرقية لتدمير محافظة الموصل تحت ظلال تحريرها من قبضة تنظيم الدولة قد بدأت بشكل صريح من خلال إبرام سلسلة من التوافقات والتفاهمات السرية والعلنية، وحيث بدأت طائرات التحالف برسم الإرهاصات الأولى لتلك الخطوة من خلال عمليات قصف جراحية استهدفت منشآت طبية ودوائية وصحية في الموصل بذريعة أنها منشآت لصناعة السلاح الكيماوي! دون تقديم أي دليل عقلي أو نقلي يؤيد تلك الإدعاءات. ولكن في ظل الفوضى العراقية القائمة فإن كل الاحتمالات والتنظيرات والتبريرات مباحة بالكامل، تحرير الموصل لم يعد مجرد تخليص المحافظة وسكانها من احتلال (داعشي) استمر عامين بعد أن قدم رئيس الحكومة السابق نوري المالكي المحافظة على طبق من ذهب للتنظيم وبما تسبب في كوارث وطنية عراقية لم يحاسبه عليها أحد. ولم تجر أي محاكمات ميدانية ولا مساءلات برلمانية حول ما تم من مصائب وعمليات قتل ونهب وتدمير وانهيار حقيقي للمنظومتين الأمنية والعسكرية العراقية، اليوم يبدو واضحا في ظل حالة الانقسام والضعف الحكومي العراقية بأن عملية استعادة الموصل بقيادة أمريكية مباشرة قد وصلت لمراحل متقدمة في الإعداد والتنفيذ، ولكن سيناريوهات المستقبل القريب تحمل صور مرعبة حول تدمير وتقسيم فظيع للموصل بعد أن ضعفت الدولة العراقية وبدأ (هوامير) الطوائف والملل والنحل العراقية في الاستحواذ على الحصص، فالأكراد لا يخفون رغبتهم وعزمهم في مد حدود (دولة كردستان) لأبعد مديات ممكنة، كما أن الجماعات المسيحية في سهل نينوى تنوي هي الأخرى إشهار إقليمها ودولتها! والبيشمركة الكردية تتهيأ لليوم الموعود هي الأخرى وتفاوض حكومة بغداد من أجل التنسيق الميداني في معركة يراد لنهاياتها أن تقرب من يوم الاستقلال للدولة الكردية في شمال العراق وإعلان انفصال (جمهورية أربيل الكردستانية)! وحيث طلب الرئيس الفرنسي هولاند من البارزاني خلال زيارته الأخيرة لباريس تحديد موعد وتاريخ لإعلان الاستقلال، رغم عقدة الصراع الكردي الداخلي بين حكومتي أربيل والسليمانية. كركوك تعاني من حالة صراع قومي وعشائري بين مكوناتها من العرب والكرد والتركمان... إلخ! وفي ظل الرغبة الكردية في تقليص أعداد النازحين العرب في إقليم كردستان وإعادتهم قسريا لمناطقهم في صلاح الدين والأنبار وديالى وغيرها من مناطق العرب السنة المنكوبة! أما النتائج الداخلية على التركيبة السكانية لأهل الموصل فستكون كارثية بالمطلق، فحجم المهجرين والهاربين من جحيم المعارك القادمة القريبة سيناهز المليون إنسان! كما أن الحشد الطائفي الذي يرعد ويزبد ويهدد قادته حتى الجيش التركي في شمال الموصل يتهيأ هو الآخر لفرض أجندته الطائفية التي رأيناها في معارك الأنبار والفلوجة وصلاح الدين وديالى؟ الحشد الطائفي العراقي بقيادته الإيرانية وفي طليعتهم الحرسي هادي العامري لم يتورع عن تهديد الجيش التركي بعمليات تعرض مباشرة! والمصالح التركية القومية والإستراتيجية والموثقة بمواثيق دولية مبرمة منذ عام 1926 بعد قرار عصبة الأمم عام 1925 بعائدية ولاية الموصل للعراق الوليد وقتذاك تحتم تدخلا تركيا من نوع ما في تقرير مستقبل الموصل التي هي محط لنزاع داخلي وخارجي كبير وواسع جدا لإمكانياتها البترولية ولموقعها الإستراتيجي ولتأثيرها في خارطة الصراع الداخلي في العراق. الموقف معقد للغاية، وكل الملفات متشابكة، والحشد الطائفي يريد الاستحواذ على الموقف العسكري ولو اضطر إلى التصادم مع القوات الكردية (البيشمركة)! فبين الطرفين ما صنع الحداد من الحقد والعداء تجسد في اشتباكات سابقة في ديالى وصلاح الدين، والحشد الطائفي باتت سلطاته أقوى من الحكومة العراقية ومن سلطات القائد العام حيدر العبادي الذي يبدو مجرد وسيط في إدارة الموقف وليس قائدا بالمعنى الحرفي للكلمة! ولعل أبشع السيناريوهات هو الحديث عن تقسيم الموصل لثماني مناطق! لقد بدأ موسم ذبح الموصل من الوريد للوريد.. فلا حول ولا قوة إلا بالله.