13 سبتمبر 2025

تسجيل

السودان.. انطلاق فعاليات حوار الوثبة

21 أغسطس 2015

للتاريخ، نذكر القارئ الكريم أن الرئيس البشير كان قد دعا إلى عقد هذا الحوار في يناير من عام 2014 في خطاب محضور اختير له عنوان براق هو حوار (الوثبة). ليعطي انطباعا بأن ما سيجري من تحولات هي عبارة عن وثبة من واقع مأزوم إلى واقع مشبع بالأمل والإرادة للوصول إلى تغيير حقيقي ينتقل بأوضاع السودان المأزومة سياسياً واقتصادياً وأمنياً إلى أوضاع انتقالية أكثر استقرارا تتبلور عنها في نهاية الأمر حلول نهائية للمشكل السوداني الذي استطال كثيرا. كل القوى السياسية الحية رحبت بدعوة رئيس الجمهورية للحوار. رغم أن ذلك الترحاب كان مشوباً بالحذر بالنظر إلى تجارب هذه القوى السلبية مع نظام الرئيس البشير على مدى ربع قرن من الزمن أطلق خلالها النظام العديد من المبادرات التي لم يصل أي منها إلى غايتها بسبب ما تصفه المعارضة بعدم الجدية وبالتكتيكات السياسية الرامية إلى كسب الوقت وتشتيت المواقف المعارضة لها. ولم يمض وقت طويل قبل أن تتأكد مخاوف المعارضة. فقد تراجع النظام فجأة عن وعوده بالاستجابة إلى مطالب المعارضة الخاصة بتوفير المحفزات الضرورية لإنجاح الحوار مثل إطلاق سراح جميع المعتقلين والمحكومين السياسيين وتشكيل حكومة وفاق انتقالية تجري انتخابات جديدة وكتابة دستور جديد. الرئيس البشير فاجأ الجميع بالدوران مائة وثمانين درجة من كل ما جاء في دعوته الابتدائية للحوار. وقرر إجراء انتخابات خاضها حزبه منفردا إلا من بعض الأحزاب الصورية وأجرى تعديلات دستورية شاملة وضعت جميع السلطات في يد رئيس الجمهورية ولم تترك لبقية السلطات شيئا يذكر. بل حسمت التعديلات الدستورية مسبقا جميع القضايا الخلافية التي كان يؤمل أن تحل بالحوار الشامل وليس بقرارات رئاسية فوقية. وكان بديهيا أن ينصرف الشعب عن الحوار الوطني بالصورة التي انتهى إليها وأصبحت نتائجه معروفة سلفا مثل إعادة انتخابات الرئيس البشير لدورة رئاسية جديدة قاطعتها كل القوى الحية ومع ذلك أعلنت الحكومة عن فوز الرئيس بأكثر من تسعين بالمائة من الأصوات. الآن يعود نظام الرئيس البشير إلى تجريب المجرب مرة أخرى بإجراء حوار خال من المضامين والأهداف غير مضمون واحد وهدف واحد هو تقنين المقنن لكي يقنع العالم بما جرى من توضيبات دستورية وسياسية مغلفة يرجو النظام أن تجد نوعا من القبول لدى المتشككين في جدوى وصدقية ما تم من إجراءات. أول الغيث الذي ينم عن عدم الجدية هو دعوة النظام لما يقرب من مائة حزب صوري إلى حضور جلسة الجسم الذي أسماه الجمعية العمومية للحوار الوطني وهي أحزاب صورية لا وجود لها في الشارع السياسي. ويطلق عليها الشعب السوداني أحزاب الفكة أو أحزاب اللافتات. للتاريخ نسجل أن نظام الرئيس البشير جمع في يوم الخميس الموافق العشرين من أغسطس من عام 2015 عدد 83 حزبا وخمسين شخصية أعطيت لها الصفة القومية ومعهم حزمة من (المسهلين) لبدء الحوار المعنى. وينتظر الشعب السوداني حتى العشرين من أكتوبر القادم ليرى طحينا.