16 سبتمبر 2025

تسجيل

البيوت الراشدة

21 أغسطس 2014

خلق الله الإنسان من طين ثم جعله سلالة من ماء مهين فخلق آدم من تراب وخلق الناس من آدم فكلكم لآدم وآدم من تراب، ثم خلق من آدم حواء ثم بث منهما رجالا كثيرا ونساء، ثم اسكنه الأرض يعمر ويبني تشاركه زوجه الحلوة والمرة وجعل الله القوامة للرجل بما أعطاه الله من قدرة على القيادة والريادة وبما يستطيع به أن ينفق على المرأة، فعندما خلق الله الدنيا وأراد لها التعمير اسكن الله فيها البشر واستخلفهم في الأرض وجعل لهم مقومات الحياة، فإن قوامة الرجل على المرأة لا تتحقق كما أرادها الإسلام إلا إذا كان الزوج رجلا نافعا في قيادته لبيته وأسرته، والزوج المسلم لا يكون رجلا بغلظته وفظاظته وقسوته وبطشه وسلاطة لسانه، فهذه رجولة الجاهلية، والرجولة في الإسلام شيء آخرغير هذا كله، الرجولة في الإسلام شخصية قوية جذابة محببة وخلق عال نبيل، وتسامح وإغضاء وعفو عن الهفوات الصغيرة ، ووقوف جاد وحازم عند فرائض الله وأحكامه وآداب الدين وقيمه وتطبيق أحكامه على أفراد الأسرة جميعا وقيادة بارعة لبقة نحو الخير وبذل وسخاء في غير سرف ولا تبذير، وأن يكون الرجل على نباهة ووعي وشعور عميق بالمسؤولية في الدنيا والآخرة وإدراك للحالة المثلى التي ينبغي أن يكون عليها البيت المسلم الراشد. إن الرجل الصالح الذي يعتز برجولته ويفخر بها هو من يملك قلب زوجته بالأخلاق العالية والمعاملة الحسنة فتكون الزوجة مطيعة لا تعصى له أمرا، ومن هنا كانت القوامة للرجل المسلم على المرأة ، بما زينه الدين من صفات وما زوده من مقومات وبما ألزمه من ضوابط و تشريعات يقول الله تعالى:(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)النساء:34، فلقد منح الإسلام للزوج حق القوامة على المرأة ليكون رجلا بحق، يعرف كيف يقود سفينة الحياة في أسرته نحو شاطئ السلامة والهدى والرشاد، فليست قوامة الرجل في الإسلام قوامة السطوة والاستبداد والقوة والاستعباد، ولكنها قوامة التبعات والالتزامات والمسؤوليات، قوامة مبينة على الشورى والتفاهم على أمور البيت والأسرة، قوامة ليس منشؤها تفضيل عنصر الرجل على عنصر المرأة،وإنما منشؤها ما ركب الله في الرجل من ميزات فطرية،تؤهله لدور القوامة لا توجد في المرأة، فالرجال قائمون على أمر النساء بسبب الإنفاق والتوجيه وهما واجبان على الزوج لزوجته، كما يقوم الولي على شؤون العائلة والتفضيل للرجل لكمال العقل وحسن التدبير ورزانة الرأي ومزيد من القوة،لذلك خص الرجال بالرسالات والإمامة والولاية والجهاد ونحو ذلك، ونظير ذلك فإن المهر يجب على الرجل مراعاة للحكمة الإلهية في تكوين الجسم وقدرته على الكسب ومهارته في معرفة دروب العيش، والنفقة والمهر جزءان من هذا الكسب، وهما حق خالص للمرأة لا يشاركها فيهما أحد من أوليائها، وأي عاقل في الدنيا يقول بأن الرجل هو قائم الأسرة وولي أمرها عليه تعتمد بعد اعتمادها على الله جل وعلا، وإذا كانت المرأة تعمل فليس معنى هذا إلغاء القوامة، لأنها في حاجة إلى رجل يحميها ويدبر شؤونها، ولا يجب عليها إنفاق لأنه على الرجل، فإن أعطت شيئا من مالها فيعتبر مشاركة ايجابية منها لأنها غنية بغنى زوجها، فالرجل مسؤول عن زوجته مسؤولية كاملة وهذا ما بينه لنا الهدي النبوي في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته) متفق عليه. إنها المسؤولية التي تمسك بناصية كل فرد في المجتمع الإسلامي،فما تجد أحدا فيه إلا مسؤولا عن جانب من جوانبه ، ذلك أن الحياة في نظر الإسلام جد وعمل وبناء، يتطلب من كل فرد في المجتمع أن يكون مسؤولا، وليست هزلا وفراغا و لهوا، كما أن الإسلام أوصى بالنساء وأعلى مكانتها، أمرها أن تعرف دورها في الحياة ، وأن تقف عند الحدود التي رسمتها لها الشريعة ،لتستطيع أن تؤدي رسالتها وتقوم بدورها على النحو الأفضل، لأنها شريكة للرجل في تربية الأجيال وتنضير الحياة بالمتعة و السعادة و الجمال، إذ طلب الإسلام من الرجل أن يحسن صحبة المرأة ويستوصي بها خيرا وأمرها كذلك أن تطيع الرجل في حدود الحلال والإنصاف والعدل، وذهب في التشديد على هذه الطاعة لذا جعل رضا الزوج عنها سببا في دخولها الجنة، فلقد وضع الإسلام للمرأة آدابا تتقبل أمر ربها وهدي نبيها بنفس راضية وقلب مطمئن واقتناع راسخ عميق على أنه دين الله الحق الذي فيها سعادة البشرية جمعاء.