19 سبتمبر 2025

تسجيل

العشر الأواخر.. وليلة القدر

21 أغسطس 2011

لرمضان الكريم مكانته الخاصة بين شهور العام، وللعشر الأواخر مكانتها الخاصة بين أيام الشهر الكريم، لتحري ليلة القدر فيها، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجتهد بالعمل فيها أكثر من غيرها كما ورد في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها). وفي الصحيحين عنها أنها قالت: (إذا دخل العشر شـد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله) وفي المسند عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشـرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمر وشد المئزر).ومن خصائص العشر الأواخر الاعتكاف اقتداء بالسنة المحمدية، فقد اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم واعتكف معه أصحابه. كما اعتكفوا بعده، وفي الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، ثم اعتكف أزواجه من بعده).فالاحتفـاء بالعشر الأواخر يأخذ المنحى التعبدي انصرافا الى إخلاص الطاعة لله، وترقبا لليلة القدر وهي خير من ألف شهر بالاعتكاف في المساجد، والمعتكف هو من حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عن خالقه، فما بقيت له هم سوى عبادة الله، وكان داود الطائي يناجي ربه: همك عطل علي الهموم، وخالف بيني وبين السهاد، وإخلاصي في عبادتك أوثق مني اللذات، وحال بيني وبين الشهوات، فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق مع الخلائق للاتصال بعبادة الخالق، وكلما قويت المعرفة بالله والمحبة له، والإنس بعبادته أورثت المؤمن الانقطاع الى العبادة كليا.منذ دخول الشهر الكريم يتحرى الناس ليلة القدر، وبشكل أكثر في العشر الأواخـر، وفي الأوتار منها بالـذات، أى ليالي: إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسـبع وعشرين وتسع وعشرين وقد ثبت في الصحيحين أن النـبي صلـى الله عليـه وسـلم قال:(التمسوها في العشر الأواخر في الوتر) رواه البخاري ومسلم. وفي حديث ابن عبـاس رضى الله عنـه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعه تبقى، في سابعه تبقى، في خامسه تبقى). رواه البخاري.ومنذ بدء العشر الأواخر كان الناس يتحدثون عن ليلة القدر، وكان هذا الحديث هـو شغلهم الشاغل عن ما سواه.. وهو حديث يشمل فضائل هذه الليلة، وما ورد في الأثر عنها، ويتناقلون القصص عن معجزاتها، وكانت هذه القصص مؤنسهم في الليالي الرمضانية الأخيرة.. ولم يكن هناك ما يشغلهم عـن الحديث عنها.. وذكر حسناتها، مع الاستشهاد بما ورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة عن هذه الليلة المباركة، والاكثار من الدعاء والامساك عن زلة اللسـان، وبالذات في ليلة سبع وعشرين، حيث هي أرجى ما تكون، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر عن أحمد، ومن حديث معاوية عن أبى داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليلة القدر ليلة سبع وعشرين) وهذا هو مذهب أكثر الصحابة وجمهور العلماء، حتى أن أبيّ بن أبي كعب رضى الله عنه كان يحلف لا يستثنى أنها ليلـة سبع وعشرين، وكذلك قال ابن عباس رضى الله عنه: انها ليلة سبع وعشرين، واستنبط ذلك من عـدة أمور، فقد ورد أن عمر رضي الله عنه، جمع الصحابة ومعهم ابن عباس، وكان صغيرا فقالوا: إن ابن عباس كأحـد أبنائنا فلم تجمعه معنا، فقال عمر: إنه فتى له قلب عقول، ولسـان سؤول، ثم سأل الصحابة عن ليلة القدر، فأجمعوا على أنها في العشر الأواخـر من رمضان، فسـأل ابن عباس عنها فقال: إني لأظن أين هي، إنها ليلة سبع وعشرين، فقال عمر: وما أدراك؟ فقـال: إن الله تعالى خلق السموات سبعاً، وخلق الأرضين سبعا، وجعل الأيام سبعة، وخلق الإنسان في سبع، وجعل الطواف سبعا، والسعي سبعا، ورمي الجمار سبعا.وهذا الترجيح ليس نهائيا فقد تكون غير ذلك والله أعلم.وفي سورة القدر يقول الله عز وجل عن هذه الليلة العظيمة: "إنا أنزلناه في ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر".لا حرمنا الله وإياكم من فضل هذه الليلة[email protected]