17 سبتمبر 2025

تسجيل

إيذاء الناس

21 يوليو 2014

إن أيام شهر رمضان حقا هي أيام طيبة مباركة يعيشها المرء الآن مما يستوجب عليه أن يكون مؤمنا بالله حق الإيمان وثيق الصلة به، دائم الذكر له والتوكل عليه يستمد منه العون مع أخذه بالأسباب، ويحس في أعماقه أنه بحاجة دوما إلى قوة الله وعونه وتأييده، مهما بذل من جهد ومهما اتخذ من أسباب يقول الله سبحانه وتعالى:(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا)الأحزاب:41 ومن هنا يجب على الإنسان المؤمن أن يذكر ربه بلسانه ويناجيه بقلبه، فلا ينسى المسلم الحق وهو يتعهد نفسه ويبني كيانه الجسمي والعقلي، أنه ليس مكونا من جسم وعقل فحسب وإنما يدرك أن له قلبا يخفق وروحا تهفو ونفسا تحس وأشواقا عليا تدفعه إلى السمو والاستغراق في عالم العبادة والتطلع إلى ما عند الله من نعيم والخشية مما لديه من أنكال وجحيم، ومن هنا كان لزاما على المسلم أن يعتني بروحه، فيقبل على صقلها بالعبادة والمراقبة لله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار بحيث يبقى يقظا متقيا أحابيل الشيطان الماكرة ووسوسته المردية، فإذا مسه طائف من الشيطان في لحظة من لحظات الضعف البشري، وهزته الذكرى، ارتد بصيرا تائبا مستغفرا مستحضرا خشية الله ومراقبته إياه ولا يحيد عن الحق ولا ينحرف عن جادة السبيل، وإن هدي الدين كثيرا ما يكون وسيلة لتحقيق الإيمان والسلام النفسي، وهو إيمان وأخلاق وعمل صالح وهو الطريق إلى سيطرة العقل وإلى المحبة والسبيل القويم إلى القناعة والارتياح والطمأنينة والسعادة والسلام، فالمسلم الحق خلوق مهذب يراقب ربه ويحكم ضميره في احترام مشاعر الآخرين ومحارمهم فوسائل الاتصال مرفق عام وهي ملك للناس جميعا ولو اعتبر كل إنسان نفسه جزءا من مجتمعه لحافظنا عليها واحترمنا مشاعر الناس وابتعدنا عن أذية عباد الله باعتبارها مسؤولية جماعية وتعاون على البر والتقوى والفلاح والنجاح في الدنيا، فالمسلم لا يصدر عنه فعل قبيح يؤذي به الناس بل تجده يحرص أشد الحرص على التحلي بحسن الخلق ونفع الناس.فكما يؤجر المرء على فعل الطاعات وبذل المعروف كذلك يؤجر على كف الأذى وصرف الشر عن المسلمين لأن ذلك من المعروف وداخل في معنى الصدقة خاصة احترام الناس وكف الأذى عنهم مما يسبب لهم حرج والإيذاء للناس يشمل كل أذى حسي ومعنوي فيدخل في ذلك الاعتداء على مال الغير وأهله وولده والاستيلاء على أملاكه بغير وجه حق ويشمل أيضا الاستهزاء واللمز والسخرية بالغير والطعن في أنساب الناس والنقيصة لهم في المجالس على سبيل التشهي واللهو والتسلية فإن الله عز وجل كما أمرنا بفعل الطاعات وجعلها عبادة أمرنا أيضا بحفظ حرمة المسلمين وعدم التعدي عليها بنوع من الأذى، وبعض الناس يستسهل هذا الأمر ولا يستشعر عظمه.فترى المرء مع حرصه على الصلاة والصيام وسائر العبادات يتعدى على أخيه المسلم ويؤذي المسلمين ويتهاون في هذا الأمر تهاونا شديدا، والباعث على الاستخفاف بحرمة المسلم والتساهل في إيذاء المسلمين ناشئ عن الجهل وقلة الوعي وبلادة الطبع وقد تكون البيئة عاملا مؤثرا في تكوين هذه الشخصية غير السوية ولا شك أن تربية الأسرة عامل مؤثر أيضا على سلوك الفرد والتخلق به، إن إيذاء الناس ورد فيه وعيد شديد وعقوبة أخروية بل وإنهم يحتملون إثما وبهتانا عظيما لذا فإن الخلق الحسن سجية أصيلة في الإنسان المسلم يتربى عليه ويتدرب من خلال دينه على مكارم الأخلاق التي ترفع منزلته في الدنيا فيكون له القبول في الأرض ويكون محبوبا بين الناس وترجح كفة ميزانه في الآخرة ويكون كالنخلة التي يرميها الناس بالحجارة فترميهم بالثمار، لذلك تجده دائما يزن الأمور بميزان الأخلاق والإيمان ولا يقصر في حق أحد وهذا الذي يميز الإنسان المسلم عن غيره فيتحلى بالإخلاص العميق لله تعالى وبثبات هذه الأخلاق وديمومتها فيه.