15 سبتمبر 2025

تسجيل

الرئيس العراقي وهو يعود من غيبته الصغرى

21 يوليو 2014

فيما المشهد العراقي ترسم ملامحه الرثة بمظاهر دموية رثة، وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات الانفصالية لتمزيق العراق وتشظيه وسط الدعوات للأقاليم الطائفية أو العرقية، وبعد أن فقدت الحكومة العراقية السيطرة على ثلث العراق بسبب تمدد جماعة داعش وتعنت حكومة نوري المالكي الراحلة لمطالب المظلومين والمهمشين، يعود الرئيس العراقي المنتهية ولايته والذي خرج ولم يعد منذ أكثر من عام ونصف بالتمام والكمال السيد جلال طالباني للعراق.يعود طالباني ليس لمحاولة لم شتات الشعب العراقي أو لتدارك وتحجيم حالة الخراب العراقي الكبير، أو لتعويض سنوات وشهور الغياب القسري الطويلة... بل لهدف مركزي ومحوري عماده الأساسي إعادة ترتيب البيت الكردي. وهذه العودة تأتي من أجل إعادة فصل عملية التحاصص السياسية عبر انتخاب سياسي كردي لمنصب رئيس جمهورية العراق بعد تصاعد الصراع العنيف داخل حزب الرئيس (الاتحاد الوطني الكردستاني) بعد الفيتو الذي وضعته زوجة الرئيس (هيرو إبراهيم أحمد) على ترشيح برهم صالح لمنصب الرئيس وتفضيلها لطبيب الرئيس الخاص ومحافظ كركوك (نجم الدين كريم) للمنصب وبما يعمق حالة الصراع الداخلي الكردي وهو صراع شرس بين مختلف الفرقاء. المهم أن العودة الرئاسية الميمونة قد حدثت من أجل تأمين دورة كردية رئاسية جديدة، فيما تستمر أحوال الصراع الدموي العراقي بمتوالية حسابية رهيبة بعد تصاعد دعوات الثأر الطائفية وتوالي وتعمق التدخل العسكري الإيراني الفظ في الشؤون العراقية عبر الزيارات المكوكية لوزير الدفاع الإيراني للنجف العراقية!!، وكذلك أمين مجلس الأمن القومي ووزير الدفاع الإيراني الأسبق الأميرال علي شمخاني (من قادة الحرس الثوري).وهذه الزيارات تؤكد من جديد بأن النزاع الداخلي العراقي قد تحول لملف أمن قومي إيراني محض!! وهو تطور خطير ومفجع في ظل التطاحن على تبديل رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي بآخر من نفس طينته ومجموعته وبما يعني عدم نزع فتيل الأزمات العراقية المتتالية والمتراكمة، ذلك أن المشكلة ليست في الأشخاص بل في المناهج. والرئيس العراقي الذي يعود والعراق يعاني سكرات الاحتضار والتلاشي لن يستطيع فعل أي شيء على صعيد تعزيز التحالفات أو بناء الجبهات والمواقع، فعودته لا تعني إلا قيادة ملفات حزبه الكردي (الاتحاد الوطني الكردستاني) الغريم التقليدي للحزب الديمقراطي الكردستاني والذي تراجعت أسهمه كثيرا في بورصة التنافس السياسي في كردستان الحائرة بين إعلان الانفصال والاستقلال وبين العودة للصيغة القديمة والتمسك بالمواقع السيادية العراقية وتأجيل النظر في الانفصال بسبب برود المواقف الإقليمية والدولية حول ذلك الملف الذي يظل حلما يراود أذهان الساسة الأكراد رغم استحالة تطبيقه ميدانيا. عودة الرئيس الذي كان، لا ينتظر منها الكثير، فالعراق بعد العاشر من يونيو الماضي قد تغيرت فيه كل عناصر إدارة الصراع الداخلي والخارجي، ولن تقرر هذه العودة شيئا سوى تحديد اسم وهوية الرئيس الكردي القادم للعراق!، وهو ما يجعل القضية العراقية تدور في نفس حلقاتها المفرغة، إذ يظل الاستنزاف سيد الموقف في العراق إلى أن يقرر الله أمرا كان مفعولا. في العراق الذي تتجاذب أطرافه أدوات الصراع الإيرانية والغربية والداخلية يظل حوار الدم هو اللغة السائدة، وتبقى عفاريت التاريخ وخرافاته تطل برأسها على شعبه المنكوب للأسف.