15 سبتمبر 2025

تسجيل

الشفاء من كل داء

21 يوليو 2013

ما من امرئ في هذه الحياة إلا ويعاني ويقاسي من داء، سواءٌ أكان عضوياً أم نفسياً، شعر به أم لم يشعر، عرفه أو جهله، إلا من رحم ربي وقليل ما هم، وربما تجد من يضيق دلالة كلمة (الداء) ويقصرها على المرض الجسدي، ولكنها كلمة أوسع دلالة، وأشمل معنى، فكل ما نغص على الإنسان حياته، وعكر صفوه، وأزال راحة باله، وأحدث له اضطراباً وزعزعة، فهو داء، فالهم داء، والحزن داء، والقلق داء، والحسد داء، والفقر داء... إلى آخر هذه الأدواء، التي تميت الإنسان قبل أجله، وتدنيه من قبره، كما يدنيه منه مر الغداة وكر العشي. فإذا جمحت الأدواء، ورمت الشفاء، وأعوزك الدواء، وتغيب الأطباء، فافزع إلى كتاب الله القرآن، ففيه شفاء من كل داء، فقد قال المولى جل وعلا (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) وقال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين). ولا يسبق إلى ذهنك أني أعني الرقية بالقرآن فحسب، فهذه لها سورها، وآياتها المعلومات، جاء ذكرها في السنة النبوية، وهي مجربة الفوائد، محمودة الآثار، ولكنني أعني كل القرآن العظيم، فهو كله شفاء، كما سماه الله، ولم يسمه دواء؛ لأن الدواء لا تكون نتيجته الشفاء حتماً، وإنما قد يشفي أو لا يشفي. ويكون القرآن شفاء عند تلاوته بتدبر وتفكر، وفهم معانيه ومقاصده، ومن ثم العمل بمقتضى ذلك، ويؤكد هذا المعنى، بالدليل الصريح الصحيح، قول النبي عليه الصلاة والسلام في الدعاء المأثور الذي يقال عند الكرب، إذ جعل فيه النبي القرآن سبباً في ذهاب الهم والحزن، وإبدالهما فرحاً، قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: (ما أصاب عبد قط هم ولا حزن، فقال اللهم إني عبدك، ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضائك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي إلا أذهب الله همه، وأبدله مكانه فرحاً، قالوا: أفلا نتعلمهن يا رسول الله، قال: بلى، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن). فإياك يا أخي أن تهجر القرآن، واتله بتدبر آناء وأطراف المَلَوان، فهو شفاؤك من الأسقام والأحزان، وسبيل فوزك في الآخرة بالجنان. اللهم إنا نسألك السلامة قبل البلاء، والعافية قبل الداء، فإن عافيتك أوسع لنا، اللهم آمين.