08 نوفمبر 2025
تسجيلبعد تخرجنا في كلية آداب القاهرة، انطلق صديقي أحمد أبو مطر "يسعى في مناكبها" وحط رحاله لفترات قصيرة في أكثر من دولة عربية، لكن "لعنة" أنه إنسان "فلسطيني" و "يساري" كانت تطارده وتلاحقه، بل تطرده من دولة، ليبحث له عن عمل في سواها، ورغم المطاردات والملاحقات فقد استطاع أحمد أبو مطر أن ينجز عمله الرائع والكبير.. رسالة الدكتوراه.. وكانت بعنوان "الرواية في الأدب الفلسطيني – من سنة 1950 إلى 1975" بينما أنجزت أنا – رغم صعوبات الحياة المادية – دراستي لنيل الماجستير عن "شعر بدر شاكر السياب" وبعد مناقشة هذه الرسالة – التي أشرفت عليها أستاذتنا العظيمة سهير القلماوي جئت إلى الدوحة – سنة 1979 – للعمل في الصحافة القطرية، وكان هذا هو الخروج الأول لي بعيدا عن مصر. حين التقينا – بعد سنوات طويلة- كان علينا أن نستعيد ما جرى لكل منا، وهكذا عرفت أن الدكتور أحمد أبو مطر الذي يحمل فلسطين في قلبه، ليس – من الناحية الرسمية – مواطنا عربيا.. فهو الآن أحمد أبو مطر النرويجي، بعد حصوله – بمنتهى السهولة واليسر – على جواز سفر نرويجي.. قلت له مداعبا: إياك أن تنسى اللغة العربية لأني لا أعرف حرفا واحدا من حروف اللغة النرويجية.. كنا نتعجب – فيما مضى – من مغامرات شعراء المهجر وخروجهم بعيدا عن لبنان والشام بوجه عام، قاصدين الأمريكتين الشمالية والجنوبية.. وكنا نقرأ روائع هؤلاء، وما كتبوه من قصائد مؤثرة ورقيقة تعكس دفقات الحنين والاشتياق للأرض التي خرجوا منها، بحثا عن حياة أفضل.. ولم يكن يخطر ببالي أن هناك أمواجا جديدة من أبنائنا وشعرائنا العرب، ستندفع بعيدا عن الأرض العربية، متوجهة نحو المنافي الاختيارية أو الاضطرارية البعيدة.ورغم عواصف الزمان، وقسوة التغرب من مكان إلى مكان، يظل الصديقان يتلاقيان، لعلهما يعزيان بعضهما عن سقوط ما كان من أحلام.. تحت الأقدام!