14 سبتمبر 2025
تسجيلالحمد لك يا رب.. فالمسافة بين «اعتبار حماس حيوانات بشرية» بالأمس وبين تصريح (هاغاري) الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال اليوم بأن «حماس سكنت قلوب المسلمين ولن نهزمها» هي مسافة سنوات ضوئية في زمن قصير، لأن الإعلام المحتل انهزم في معركة التدليس ونجح الإعلام الصادق في توضيح الحقائق ودحض الباطل، ونرى اليوم «مخاوف في أوساط الاحتلال من خسارة معركة الإعلام التي تنفق فيها إسرائيل المليارات سنويا»، بهذا العنوان بدأ حوار في قناة 12 حول الحرب النفسية الإسرائيلية لتشويه المقاومة الفلسطينية وإحباط جهود الدول المناصرة لحماس وبث البلبلة في صفوف الرأي العام الغربي وهذه المليارات تضاف إلى المليارات المخصصة لشراء الطائرات والأسلحة القتالية، وأغلبها تموله خزينة الشعب الأمريكي والأوروبي وهي مبالغ طائلة تكرسها دولة الاحتلال لما تسميه الاستثمار في معركة المعلومات والوعي في الجامعات العالمية منذ ثورة جامعة كولمبيا وموجة الجامعات الغربية اعتقادا من منظري الاحتلال أن هذا هو المكان الذي يتواجد فيه الجيل الذي سيكبر ويقرر ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستمر في بيع الأسلحة للاحتلال ودعمه أم لا! وحول هذا الفشل وجهت (غئولا بن ساعر) الإعلامية الإسرائيلية البارزة انتقادا حادا إلى حكومة الاحتلال بالقول إنه «في بداية الحرب على غزة، أبلغ ممثلو وزارة الخارجية لجنة الخارجية والأمن بالكنيست أن الوزارة ستغلق جميع الأنشطة الدعائية بسبب استنفاد ميزانية عام 2023 ولذلك سيستمرون في العمل الدعائي على تويتر فقط، وحين سأل رئيس اللجنة عضو الكنيست (زئيف إلكين) كم من المال نحتاج لمواصلة النشاط الدعائي؟ جاء الجواب: 10 ملايين شيكل والنتيجة أن عواقب معاداة الرأي العام الدولي لإسرائيل ستكون كارثية وستزداد كراهية الناس في الغرب ليهود العالم، وأوضحت أنه «بعد أن شهد العام 2024 تمدد الحرب على غزة وبعد أن علمنا أنه يتعين علينا الاستثمار في الدعاية فقد تم تخصيص فقط 400 مليون شيكل لهذا العام بما يزيد قليلا على 100 مليون دولار مع أننا نشنّ كل يوم حرباً دعائية بينما تستثمر القوى المعادية لنا المليارات ضدنا منذ سنوات وتستثمر هذه الأموال بحكمة لاسيما إيران وقطر. وذكرت أنه «لا منطق من بعض المطالبات الإسرائيلية بأن يواصل أولئك النشطاء العمل متطوعين من أجل مناصرة الدولة، لأنهم مع مرور الوقت سيدفعون ذلك من جيوبهم الخاصة لأن المشكلة الحقيقية في مروّجي الدعاية المعادية للاحتلال باتت في الاستثمار المالي الكبير الذي يساهم فيه المدافعون عن فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه المحتلة ثم بناء دولته المستقلة وهؤلاء تقودهم دولة قطر بدعمها الدبلوماسي ووساطتها الناجعة وقنوات الجزيرة الخمس. وبفضل هذه الجهود ظهر جيل جديد من النخبة المناهضة للاحتلال في الجامعات الأمريكية وفي غضون خمس سنوات قادمة سيكون هؤلاء الطلاب والطالبات الذين يعتصمون اليوم في جامعاتهم بعد تخرجهم بشهادات عليا حشودًا في الكونغرس أو مساعدين بوزارتي الخارجية والدفاع ويحولون وجهة السياسة الأمريكية نحو مواقف مختلفة معادية لنا لا يتوقعها اليوم بنيامين نتنياهو ومؤيدوه في حربه المكلفة والخاسرة! وكما نرى تتزايد الانتقادات الموجهة للاحتلال بسبب إهماله لساحة الدعاية الإعلامية التي ربحتها دولة قطر بسبب وقوفها الى جانب الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة فقد كشفت استطلاعات الرأي العام الأمريكي في مركز (غالوب) في شهر مايو 2024 أن 57 % فقط من المواطنين الأمريكان يؤيدون «إسرائيل» مقابل 85 % سنة 2020 وأن نسبة كبيرة منهم ليس لهم موقف محدد وينتظرون كيف ومتى ستنتهي حرب نتنياهو على غزة؟ وهناك جيل أمريكي جديد نشأ في أجواء معادية لنا، وعن التحول العميق في الرأي العام الدولي كتب المفكر التونسي (البحري العرفاوي) يقول: «والسؤال حول «الأمة» يُطرَحُ اليوم بأكثر جدية بعد السابع من أكتوبر 2023، حيث فجّرت «طوفانُ الأقصى» النظامَ العالميَّ برمّته وأصبحت غزة صانعةً للمشهد العالمي وكاشفة لزيف فلسفة الغرب حول حقوق الإنسان وحول الكونية والتمدن والحداثة لقد تحول شهداءُ غزة إلى رُسُلٍ تطوف أرواحُهم بكبرى مدن العالم وأرقى الجامعات الغربية فإذا بالشباب الطلابي يثور على صنّاع السياسات في تلك الدول وإذا بالأعلام الفلسطينية وبالكوفية في كل أنحاء العالم كما لو أن آلاف شهداء غزة هم الذين يُحرّكون سواكن العالم يُزعجونه بالأسئلة ويستثيرون ضميره النائم، لقد تحولت غزة «المُدَمّرة» إلى أرقى مدرسة عالمية لتعليم فلسفة الحياة ومعنى الإنسان وقيم الجمال والمحبة وفضيلة الشجاعة والصبر والتضحية». ونسجل هذه التحولات في صلب القمم المؤثرة وآخرها قمة مجموعة السبع الأقوى التي انعقدت في إيطاليا في نفس شهر يونيو 2024 حيث قام رئيس البرازيل (لولا دا سيلفا) في كلمة ألقاها في المجتمعين ليقول إن ما تسمونه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ما هو سوى حق الانتقام من أطفال غزة ونسائها وأبريائها المدنيين وهو ما يشكل أخطر مروق عن القانون الدولي وأخلاق الحرب. وهنا اعتراف عديد الإسرائيليين بفشل أجهزة لوبياتهم القوية في تجنيد الرأي العام العالمي لمساندة دولتهم وتمرير عدوانها على الناس بكونه «دفاعا مشروعا عن أمنها» ثم إشاعة تهمة «معاداة السامية» وإلصاقها بكل من يندد بممارسات نتنياهو المارقة عن القانون الدولي فاصطدمت هذه الألاعيب بحقيقة دامغة وهي أن عديد المنددين بإسرائيل هم يهود وساميون لكن قراءتهم لتوراتهم تختلف عن بروتوكولات صهيون وتدعوهم للتعايش مع العرب والمسلمين مثلما تعايش العرب والمسلمون مع اليهود بسلام طيلة تاريخهم المشترك. كتب يوم الثلاثاء الماضي (توماس فريدمان) يقول: «حان الوقت ليفرض بايدن على نتنياهو وقف حرب الإبادة حتى لا تسقط المنطقة كلها في حرب مدمرة».