12 سبتمبر 2025

تسجيل

المقتدي بنبيه

21 يونيو 2015

إن المرء البعيد عن منهج الرحمن وسنة خير الأنام لعلى حيرة واضطراب لا ينجيه منها ويهديه إلى سواء الصراط إلا الاهتداء بنور ربه وبرهان كتابه العزيز، فرسوخ القرآن الكريم في القلب الذي يحصل به الانتفاع لا يكون ترديدا باردا باللسان لا يحرك قلبا ولا يغير واقعا، بل رسوخه بأمور هامة تنفعه في حياته وفي آخرته، فالمؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرض القرآن فكان كالمرآة يرى بها كل خير في الدنيا ويعلم أن الله عز وجل كرمه وشرفه بالعبادة والطاعة وأنه يجب عليه العمل والسعي نحو النجاح والبناء فيكون معول تعمير لا معول تخريب ويكون متبوعا وليس تابعا، عندئذ يكون حقا هو خير البرية الذين اختارهم الله لتعمير الأرض، فمن كانت هذه صفته أو ما قارب هذه الصفة فقد تلاه حق تلاوته ورعاه حق رعايته وكان له القرآن شاهدا وشفيعا ونفع نفسه ونفع أهله وعاد على والديه وعلى ولده كل خير في الدنيا والآخرة، فالإسلام دين الشمول والكمال لذلك ارتضاه الله لعباده ليكون لهم شرعة ومنهاجا فعلمنا الله سبحانه وتعالى أن الدين عند الله الإسلام، فمن فضائل هذا الدين أنه يدعونا إلى الفرائض التي تقربنا من الله تعالى ومنها الصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها من الطاعات، وإننا في هذا الشهر الكريم شهر رمضان نرتقي إلى أعلى الدرجات بأدبنا مع الله تعالى في تنفيذ فرائضه والتحلي بالأدب في جميع مجالات الحياة، فلقد حدد رسول الإسلام الغاية الأولى من بعثته والمنهاج المبين في دعوته بأنه إنما بعث ليتمم أحسن الأخلاق.فلقد حبا الله تبارك وتعالى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم من الخصائص القوية والصفات العلية والأخلاق الرضية ما كان داعيا لكل مسلم أن يجله ويعظمه بقلبه ولسانه وجوارحه، فإن حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم أجل وأكرم وأعظم وألزم لنا من حقوق السادات على مماليكهم، والآباء على أولادهم، لأن الله تعالى أنقذنا به من النار في الآخرة، وعصم به لنا أرواحنا وأبداننا وأعراضنا وأموالنا وأهلينا وأولادنا في العاجلة، فهدانا به لأمر إذ أطعناه فيه أدانا إلى جنات النعيم، فأي نعمة توازي هذه النعم وأي منة تداني هذه المنن، فرسالة الإسلام هي الرسالة التي خطت مجراها في تاريخ الحياة وبذل صاحبها جهدا كبيرا في مد شعاعها وجمع الناس حولها وتأسيسهم على الحق والفضائل والآداب فعملت على تدعيم فضائلهم وإنارة آفاق الكمال أمام أعينهم حتى يسعوا إليها على بصيرة، فمما لا ريب فيه أن علينا تجاه هذا النبي الكريم صلوات ربي وتسليمه عليه حقوقا كثيرة يجب القيام بها وتحقيقها، فلابد من تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع وأن ننصره ونؤيده ونمنعه من كل ما يؤذيه ويسيء إليه. وإن من أهم ما يجب علينا تجاه حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أن نحقق محبته اعتقادا وقولا وعملا، ونقدمها على محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين، فإن الله جل ثناؤه ألزمنا طاعته وتوعدنا على معصيته بالنار، ووعدنا عند اتباعه والتأسي به أن يدخلنا جنة عرضها السموات والأرض، فأي رتبة تضاهي هذه الرتبة، وأي درجة تساوي في العلا هذه الدرجة، فوجب علينا أن نحبه ونجله ونعظمه ونهابه، فبهذا نكون من المفلحين ومن هنا ندرك أن من جل الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم التوقير ونرى بيان الفلاح إنما يكون لمن جمع إلى الإيمان به تعزيره، أي تعظيمه، وبالأخص إننا في أيام طيبة كلها طاعة وقرب، أيام رمضان الذي نصوم نهاره ونقوم ليله فوجب علينا أن نملأ قلوبنا بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم ونقتدي به ونتأسى به في كل أعمالنا ونسأل الله تعالى أن يجمعنا به في الجنة وأن يكون شفعينا يوم القيامة.