19 سبتمبر 2025
تسجيلإن من أمارات التقى في الإنسان وعلامات الصلاح سلامة الصدر وطهارة القلب من الغل والحقد والحسد والضغائن والرذائل، فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ولا يكون صلاح ذات البين إلا بسلامة الصدر من تلك الآفات، لذلك فإن دين الإسلام قد حرص حرصا شديدا على أن تكون الأمة أمة واحدة في قلبها وقالبها تسودها عواطف الحب المشترك والود الشائع والتعاون على البر والتقوى، والتناصح البناء الذي يثمر إصلاح الأخطاء مع صفاء القلوب وتآلفها دون فرقة وغل وحسد ووقيعة وكيد وبغي، لذا يجب أن ننطلق لإصلاح ذات بيننا لإعداد جيل منتج مبدع يسهم في بناء مجتمعه فكلما أصلحنا ذواتنا صلح مجتمعنا يقول الله تعالى:- (يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم) الحجرات:12، فسوء الظن له أثره السلبي على حياة الأفراد وسلوكياتهم وأخلاقهم، والإنسان اجتماعي بطبعه يسعى للتعامل مع الآخرين بالخلق الحسن والتعايش الإيجابي، ولكن أمراض القلوب التي يصــــــــاب بها الفرد أحيانا تؤدي إلى دماره النفسي والجسدي، ومن أخطر أمراض القلوب النفس التي تكون أمارة بالسوء، والتي يغذيها سوء الظن بالآخرين يقول الله تعالى :(إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) الحجرات10.فالأخوة الإيمانية تعلو على كل خلاف مهما اشتدت وطأته واضطرمت شدته، لذا يجب بناء العلاقات بين الأفراد على أسس متينة ونقية خالية من الظنون والفتن لا تشوبها شائبة وتكون مبنية على المبادئ الأخلاقية السليمة، فسوء الظن مرض قلبي يصيب الإنسان ويؤدي إلى تلف الروابط البشرية الإيجابية وتحويلها إلى روابط سلبية تضر بصاحبها والمحيط الذي يعيش فيه، وترجع أسبابه إلى البعد عن تقوى الله سبحانه تعالى وعدم الثقة بالآخرين وبناء علاقات سيئة معهم وقلب مغمور بالكراهية وانعدام السعادة والراحة والأمان النفسي لدى الشخص الظان، لذلك أدعو كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد إلى بتر هذا المرض من قلوبهم ونفوسهم، وتعزيز روح المحبة والتعاون والألفة وحب الخير للآخرين، كما يجب علينا أن نكون سفراء لديننا بأخلاقنا اقتداء برسلنا ونعلم حق العلم أنه يبدأ العلاج من إصلاح الفرد لذاته، وإدراكه لمخاطر هذه الآفة على نفسه والآخرين والتماس العذر للشخص المظنون به وتحويل المسار العقلي والقلبي عند الإنسان من سوء ظن إلى حسن ظن، والمصارحة والمواجهة اللطيفة والحكيمة، فإن من فضائل سلامة الصدر جمع القلب على الخير والبر والطاعة والصلاح فليس أروح للمرء ولا أطرد للهم ولا أقر للعين من سلامة الصدر مع عباد الله المسلمين ومنها أنها تقطع سلاسل العيوب وأسباب الذنوب فإن من سلم صدره وطهر قلبه عن الإرادات الفاسدة والظنون السيئة عف لسانه عن الغيبة والنميمة ومقالة السوء، فإن من أقوى العلاجات لهذه الآفة عقل حكيم، وقلب مؤمن ونفس صافية خالية من الشـــــوائب، لأن الـــظنون تدمر النفس وتســبب أضــــرارا جسيمة في شخصية الفرد وسلوكه، وتحوله من فرد سليم إلى فرد معاق نفسيا من الصعب علاجه، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، فمثل هذا الهدي النبوي الذي يوقظ القلوب ويحيي الضمائر ويجمع الأمة بعد شتاتها، ويوحدها بعد فرقتها، ولا يؤتي هذا الجمع ثماره وهذا الاتحاد فوائده، إلا بسلامة الصدور وطهارة القلوب فإن منهجية ديننا الحنيف تقوم على أواصر المحبة والبعد عن الضغينة، فإن سلامة الصدر من الضغائن تفرض على المؤمن أن يتمنى الخير للناس وإن عجز عن سوقه إليهم بيده وأول المستفيدين من إسعاد الناس هم المتفضلون بهذا الإسعاد يجنون ثمرته عاجلا في نفوسهم وأخلاقهم وضمائرهم، فيجدون الانشراح والانبساط والهدوء والسكينة، ويستطيعون التفكير السليم والمواجهة الحقيقية التي تخلف نصرا لهذه الأمة فإذا طاف بك طائف من هم أو ألم بك غم فامنح غيرك معروفا وأسد له جميلا تجد الفرج والراحة وتجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك.