10 سبتمبر 2025

تسجيل

والدي يرحمه الله (1-2)

21 مارس 2022

روى لي والدي الفاضل رحمة الله عليه بعضا من سيرته وحياته قديما، فالوالد سلطان حويدر سلطان المالكي والذي تجاوز التسعين عاما من عمره حين وفاته في أيام العشر الأواخر من رمضان بتاريخ 28/5/2019م كان من السباقين للعمل في صناعة النفط في قطر وقد كان من الرجال المخلصين والمنجزين والمحبين في أعمالهم لخدمة الوطن والآن كتبت مقالا لتوضيح ذلك وسينشر المقال على جزئين وسينشر الجزءان بإذن الله بالتوالي بيوم الإثنين من الأسبوع. أولا بواكير نشأته: ولد في الدوحة عام 1928 بمنطقة شرق إلى جانب شاطئ (سِيف) البحر (بالقرب من فندق ومنتجع فريج شرق الآن)، وتم تشييد منزلهم في ذلك المكان بوضع اليد (كما كان الأمر شائعا في تملك أراضي البناء) فوق الحزم وهو هضبة مرتفعة تبعد عن البحر حوالي 50 متراً تقريباً وبالقرب من منزله في منطقة الهتمي القديم قام بحفر بئر ماء (جِليب) بمساعدة بعض الرجال من أهل الحي (كما جرت عادة الناس سابقاً) لتأمين احتياجات المنزل من الماء في حالة انقطاعه. قد نشأ والدي رحمة الله عليه في حياة آمنة كسائر الأطفال القطريين في بيت ملتزم دينياً محباً للقرآن؛ لذا بادرت والدته جدتي والتي سميت على اسمها آمنه بنت حسن المالكي - رحمها الله - إلى اصطحابه في طفولته إلى محفظة القرآن الكريم (المُطوِّعة)، وذلك قبل إنشاء المدارس النظامية في قطر، وقد يسر الله له على يديها حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، لتقوم (المُطوِّعة) بالاحتفال به كسائر الأطفال الذين يحفظون الكتاب العزيز؛ فيطوف به زملاؤه في "الفريج" ويتوقفون عند البيوت بيتاً بيتاً ليهتف العِرّيف بأبيات (التحميدة)؛ وهي مكونة من عشرات الأبيات ليرد عليه بقية زملائه بـ (آمين) تقول أبيات (التحميدة) الحمد لله الذي هـدانا للدين والإسلام اجتبانا سبحانه من خالق سبحانا مـن فضله علمنا القرآنا نحمده وحقه أن يحمدا حمداً كثيراً ليس يحصى عـددا طوال الليالي والزمان سرمدا وأشهد بـأن الله فـردا واحدا وأن رسوله النبي الأمجد الهاشمي المصطفى محمدا أخبرتني أيضا والدتي - رحمها الله - عن المرحوم والدي بأن أهل الحي كانوا يقصدون إليه طلباً للرقية الشرعية لأطفالهم وللمرضى بما كان يحفظه من آيات القرآن الكريم والأدعية للاستشفاء. ثانيا: بعد تخرجه من الكُتّاب سعى للعمل في سفن الغوص للبحث عن اللؤلؤ وكان والده حويدر - رحمه الله - والذي توفي عندما كان الوالد في التاسعة من عمره يعمل غيصاً (وهو الغواص الذي كان ينزل في أعماق البحر لجلب المحار الذي يحتوي على اللؤلؤ الطبيعي)، لكن صغر سنه لم يمكنه في البداية من ممارسة مهنة (الغيص)، فتم قبوله للعمل كـ (تباب) على السفينة (وهو الصبي الذي يقوم بخدمة الرجال الكبار خلال الرحلة كإحضار الماء والتمر وأداء بعض المهام التي تناسب صغر سنه) غير أنه وبعد أن اشتد ساعده عمل بمهنة (سيب) (وهو من يقوم بسحب الغاصة بعد إتمام مهامهم)، ثم بعد ذلك تمكن من الوصول إلى حلمِه فصار غيصاً وكان دخوله للغوص في مستهله بواسطة سفينة يطلق عليها (مينه) بصحبة صديقه طحان الخليفي؛ حيث كانا يذهبان إلى مناطق قريبة للبحث عن اللؤلؤ خلال أيام لا تتعدى العشرة، وأهم المناطق التي كان يطرقانها قريبة من الدوحة وهي (البشيرية) و(العالية) و(الهيرات) و(شراعوه) و(دينه)، بعد ذلك دخل الغوص بسفينة يطلق عليها (مساعد) مع صديقيه يحيى وارحمه المالكي رحمة الله عليهم وقد كان العمل في البحر من أشد الأعمال؛ حيث كان من يعمل في صناعة الغوص يمكث من (4- 6) أشهر في الرحلة الواحدة. وقد روى لي عن حادثة قديمة حدثت في بحر مسيعيد حيث تعرضت سفينة نفط إنجليزية للاحتراق في البحر وتم الغوص من تحت السفينة المحترقة لإنقاذ الركاب، ولكن قدر الله أن الركاب أكثرهم لقي حتفه، ولتمييز المسلمين من الركاب المحترقين لدفنهم وفق الشريعة الإسلامية كان من خلال الختان. ** للمقال بقية الإثنين القادم خبير بيولوجي [email protected]