30 أكتوبر 2025
تسجيلهناك أنواع من المشاكل الزمن كفيل بحلها حيث تحتاج إلى الصبر والانتظار، وهناك أنواع من المشاكل تحل بموت صاحبها، ولكن مشكلة البدون تتعقد جيلا بعد جيل والموت لصاحبها ليس حلاً وإنما هو زيادة تعقيد.وببساطة لو صبياً أو شاباً في عمر 10 أعوام أتى إلى هذا الوطن العظيم المعطاء قبل ثمانين عاماً أو يزيد، بأي وسيلة سواء قانونية أو غير قانونية وجلس هنا، عمل وقدم حياته كلها فداء للوطن الذي تزوج به وكون أسرته وأنجب أبناءه الذين خرجوا إلى الدنيا لا ينتمون إلى أي وطن سوى قطر ولا يدينون بالولاء إلا لترابه الطاهر.ويعيش الأبناء ولا يعلمون أي ذنب جناه عليهم الأب الذي لم يكن مهتما بالحصول على جواز سفر في الوقت الذي لم يكن فيه صعبا الحصول عليه قبل سنين طويلة.ونأتي إلى الجيل الثالث الذي حمل وزر الجد والأب وخرج إلى الدنيا محملا بعشق الوطن الذي لم يعطه سوى وثيقة يكتب فيها أنه من مواليد قطر ومحل ميلادهم وميلاد آبائهم قطر وجدهم الأكبر من البلد الذي خرج منها ذات يوم.والحقيقة أكتب عن هذا الموضوع الشائك المعقد بعد أن وصلتني رسالة من فتاة صغيرة عمرها 17 عاماً فقط أرمز لها "س ع" كل معاناتها أنها تريد جواز سفر فقط من أجل أن يسمح لها بالدراسة في جامعة خليجية ولكن الوثيقة غير مقبولة في بعض الدول المجاورة وكأنه كتب عليها أن تحمل هم جد كل جريمته أنه ترك وطنه واختار وطنا آخر أحبه، وفنى به عمره كله، تقول البنت في رسالتها الطويلة ولكنني أختصر منها هذه السطور.. "في كل مره أسمع سؤالاً يتكرر على كل الأشخاص المهمين كالممثلين والكتاب وغيرهم، وأجلس أفكر في الإجابة كأن السؤال موجه لي.. أفكر فيه بتمعن ويتردد السؤال في أذني "إذا كانت حياتك كتاب ماذا سيكون اسم هذا الكتاب؟" وفي كل مرة أرجع وأجيب بنفس الإجابة ألا وهي "أنا نكرة".. نعم "أنا نكرة" وسأقص عليكم سبب تسميتي لحياتي بهذا المسمى."أنا نكرة" في بلدي، ليس من ناحية الشهرة أو المعرفة، فأنا لا أهتم بهذه الأشياء لصغر سني، أنا في الـ 17 من العمر "ونكرة" في وطني الغالي لأسباب كثيرة.. عندما أستمع إلى المعلمات في الفصل وهم يسألون "ماذا قدمت لوطنك؟" يتردد السؤال في رأسي وأجيب بسؤال آخر ألا وهو "ماذا قدم لكِ وطنك؟"وطني وموطني الوحيد الذي قدم لي الأمان والاستقرار، المكان الذي مهما ابتعدت عنه أشعر بالحنين وأرجع إليه بلهفة وشوق ولكن...!؟هنا تكون حكايتي.. وطني الذي أكن له كل هذا الحب والشوق والوفاء لا يعترف بي كمواطنة قطرية!!وطني الذي ألجأ إليه مهما ابتعدت وذهبت إلى أماكن أخرى. وطني الذي أعيش فيه ومعه كل أفراحه وأحزانه. وطني الذي أجتهد من أجله لأرد له جميله ولكن بعد التفكير ملياً لماذا أفعل هذا وهو لا يريدني ولا يعترف بي؟وهناك شيء بسيط يحدد مصيري أنا وعائلتي.. وأنا أعرف حقيقة أنه في يوم ما ستتركنا دولتنا ولن تعترف بنا وسينتهي بنا المطاف في ذلك اليوم.وثيقة سفري هي التي تصعب أموري في الحياة، وثيقة سفري تجعلنيشبه أسيرة! اجبني يا وطني؟ أليس لي الحق أن أعيش في وطني وأن لا أشعر بأني غريب؟ في كل يوم يمر بي أدعو ربي أن أصحو يوماً من منامي واسمع أخباراً تفرح قلبي، خبراً يمكنه إسعادي طوال حياتي. أتخيل في يوم ما أن تدخل أمي وتقول لقد حددوا موعداً لأخذ جواز للسفر... أعلم بأنها أحلام ولكن بعض الأحيان تتحقق الأحلام.أميري حبيبي والدي وأبي عسى أن يطول الله في عمرك وتدوم هذه الدوله في أمان واستقرار هل من الممكن أن تسمعني؟؟؟؟اقرأوني وافهموني إذا كنت أحلم فايقظوني وحققوا لي حلم "مراهقة نكرة" نعم هذه أنا.. نعم "أنا نكرة" وهذا هو سبب تسمية حياتي إن كانت كتاب بـ "أنا نكرة".أعزائي القراء انتهى اقتباسي من كلام الصغيرة، الطويل والمبكي والتي أبكتني شخصياً وأنا أقرأ... وأتمنى من الجهات المسؤولة أن تجد حلا دائما وجذريا لهذه المشكلة أو على الأقل حلا مؤقتا يكفل لهم حرية التنقل إلى البلدان المجاورة، ليتعلموا ويكونوا ذخراً للوطن كما كانوا وما زالوا طوال أعوام طويلة قضوها في قطر، وكلي أمل في سمو أميرنا المفدى الالتفات لهموم هذا الجيل ولله الأمر من قبل ومن بعد.