12 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم تقف قصة المراجعات عند د. عمر عبيد حسنة، بل تبعه د. خالص جلبي في كتابه «النقد الذاتي»، وكذلك د. عبدالله النفيسي في كتابه «الحركة الإسلامية: ثغرات في الطريق»، إضافة للإصدار الذي أشرف على تحريره في بداية الثمانينيات بعنوان: «الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية: أوراق في النقد الذاتي»، إضافة لكتابات د. فتحي عثمان (رحمه الله) وأيضاً د. جمال الدين عطية في مجلة «المسلم المعاصر». لقد أشار كل هؤلاء وآخرون إلى أهمية إجراء المراجعات، باعتبار أن كل ما أنتجه الفكر الإسلامي من المعارف والعلوم لا يعدو أن يكون من باب الاجتهادات البشرية، والآراء الإنسانية، القابلة للنقد والتصوير، والمحتملة - أيضاً - للصواب والخطأ.وكما قامت بعض الحركات الإسلامية في إجراء تلك المراجعات والتكيف مع الظروف والمتغيرات بما يسمح باستمراريتها داخل ميادين العمل الدعوي ومراتب التأثير والحراك السياسي وساحات الفعل الجماهيري، فإن هناك أيضاً الكثير من الشخصيات المرموقة أمثال: الأستاذ د. طارق البشري، د. عبد الوهاب المسيري، د. عادل حسين، الأستاذ منير شفيق...الخ، حيث كان لهؤلاء منطلقاتهم الفكرية ورؤاهم التي تعبر عن انتماءاتهم لمعسكرات قوى اليسار أو الليبراليين.. وبعد إجراء المراجعات، كانت عملية التحول التي قادتهم - في نهاية المطاف - إلى معسكر الإسلاميين. المراجعات: الفكرة والتطبيقمن الجدير ذكره، أن العقدين الأخيرين قد شهدا إجراء الكثير من الحركات الإسلامية مراجعات تتعلق برؤيتها الفكرية أو تجربتها السياسية، وخلصت لنتائج وقناعات دفعتها إلى التصريح بوجود أخطاء وتنطع في التعاطي – أحياناً - مع مفاهيم إسلامية ذات علاقة بالدين والسياسة، وسوء تقدير لبعض الاجتهادات والمواقف المتعلقة بالنظر تجاه الآخر، وقد شملت هذه المراجعات حركات إسلامية جهادية مثل: الجماعة الإسلامية في مصر، وجبهة الإنقاذ الإسلامية (FIS) في الجزائر، وكذلك حركات إسلامية دعوية، مثل: الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، والجبهة الإسلامية للإنقاذ في السودان، وحركة النهضة في تونس، وحركة مجتمع السلم (حمس) في الجزائر، وحركة التوحيد والإصلاح في المغرب، وحركة الإخوان المسلمين في سوريا، والجماعة الإسلامية في لبنان، وحزب التجمع اليمني للإصلاح، والحركة الإسلامية في تركيا (حزب العدالة والتنمية)، وأيضاً الحركة الإسلامية في كل من ماليزيا وإندونيسيا.وبما أن مفهوم المراجعات هو مسألة مرتبطة بالأساس بعملية النقد الذاتي، وإعمال الفكر والتمحيص وإعادة النظر في بعض المفاهيم والقناعات والعمل على تصحيحها.. لذا؛ فإنه يمكننا - في الواقع - رصد وضعية هذه المراجعات التي أجراها الإسلاميون ضمن ثلاثة مستويات: أولها؛ الانتقال من العمل الجهادي العسكري إلى الخيار السلمي، وثانيها؛ الانتقال من العمل الثوري إلى المشاركة السياسية، وثالثها؛ مراجعات ما بعد المشاركة السياسية، ويمكننا هنا الإشارة إلى تجارب التيارات الإسلامية في تونس والسودان والمغرب.لقد أخذت التحولات التي حصلت عند الإسلاميين - بشكل عام - ثلاثة اتجاهات:الاتجاه الأول: تحولات فجرت نسق الرؤية (النسق الجهادي) من الداخل، وهو ما وقع للجماعة الإسلامية والجهاد في مصر، وكذلك الحركة الإسلامية في المغرب التي فجرت النسق القطبي من الداخل.الاتجاه الثاني: تحولات أبقت على الإطار في كليته وقامت بتعديلات داخله، والمثال على ذلك هو حركة النهضة التونسية، والحركة الإسلامية في السودان، والتي رغم تبنيها الواسع للبراغماتية السياسية، فإنها لم تستطع الخروج من الإطار العام لفكر سيد قطب ورؤاه السياسية.الاتجاه الثالث: تحولات تعكس توتر نسق الرؤية ومحاولة التعايش معه، ومثال ذلك هو حركة الإخوان المسلمين.إن هناك - أيضاً - ثلاثة مؤشرات مطردة في تحولات الإسلاميين الصاعدين إلى الحكم، وقد تمثلت في القطع مع المنطق الدعوي في الاشتغال السياسي، والتوجه نحو السياسات العمومية، والتخفيف من المفردات الدينية في الخطاب السياسي، والتدبير الذكي للعلاقة بين البعد المرجعي العقائدي والبعد البراغماتي في السياسة، من خلال اعتماد مدخل الدمقرطة والحرية والحكامة.إن هذه التحولات حدثت بشكل وازن لدى حزب العدالة والتنمية في كل من المغرب وتركيا، وأيضاً داخل حركة النهضة التونسية، فيما لا يزال الخطاب الدعوي والخطاب السياسي يتعايشان – بشكل عام - داخل الرؤية السياسية للإخوان المسلمين.ويُرجع البعض ذلك إلى التوتر القائم في الأصول الفكرية لحركة الإخوان المسلمين، والتي تجمع بين نسقين معرفيين: الأول؛ مقاصدي، والثاني؛ عرفاني صوفي، يعطي مساحة كبرى للمرشد أو الإمام، مما يبرر ارتهان السياسي للدعوي.