01 نوفمبر 2025

تسجيل

وما بعد الامتحان إلا النتائج

21 يناير 2016

إن الآباء والأمهات بعد انتهاء الامتحانات، ترتفع دقات قلوبهم انتظارا لحصاد ما تعبوا من أجل أبنائهم ومتابعتهم، والحرص على تعليمهم وتخريجهم ليكونوا أفرادا صالحين ينفعون أنفسهم وبلادهم، كلل الله عز وجل تعبهم بالنجاح، فالعبد المؤمن في عمله ودأبه لا يستغني إطلاقا عن معية الله تعالى وهدايته ومدده، وهذا عين الفلاح الذي يقابله الخذلان والبوار جراء سخط العزيز الجبار على أهل الضلال، فالله جل شأنه إذا غضب على عبد لا يبالي به في أي واد هلك وفي دعاء الهدي النبوي: (إنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضعف وعورة وذنب وخطيئة وإني لا أثق إلا برحمتك فاغفر لي ذنوبي كلها إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وتب علي إنك أنت التواب الرحيم) فإن بناء الرجال الذين تفخر بهم الأمة يقوم في حقيقته على الاهتمام ببناء النفس والعقل فما قيمة جسد ليس في قلب صاحبه إيمان وعقيدة وما قيمة صورة لا يحمل صاحبها مبادئ ولا قيما، فبهذا الاعتماد والتوكل على الله تستطيع هذه البشرية التي استخلفها الله تعالى في الأرض أن تعيش في سعادة وأمان ويتحقق لها النجاح فتعيش في رخاء وطمأنينة.فالتوفيق من أجل نعم رب العالمين لعباده المخلصين فهو خلق القدرة الداعية إلى الخير والطاعة، وحقيقة التوفيق أنه امداد الله تعالى العبد بعونه واعانته وتسديده وتيسير أموره وتسخير الأسباب المعينة عليها، وهو بيده سبحانه لا بيد من سواه وأعظمه التوفيق إلى الحق وقبوله وإلى الخير والعمل به، وتلك نعمة لا يملكها إلا رب العباد ومقلب القلوب والأبصار، الذي يحول بين المرء وقلبه يقول تعالى: (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) هود:88، فمن أعظم الأسباب الموصلة التوفيق الدعاء خاصة إذا اقترن بالتوكل على الله تعالى وبذل الداعي الوسائل التي تقربه من محبة الله تعالى، فالتوفيق ألا يكلك الله إلى نفسك وان الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك،وقال أحد الصالحين: اغلق باب التوفيق على الخلق من ستة أشياء اشتغالهم بالنعمة عن شكرها ورغبتهم في العلم وتركهم العمل والمسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة والاغترار بالصالحين وترك الاقتداء بأفعالهم وادبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها واقبال الآخرة عليهم وهم معرضون عنها، فالله تعالى يوفق من يشاء ويخذل من يشاء فإن إحساس المؤمن العميق الممتد من كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، يدرك بحق أن الجنة محفوفة بالمكاره مما يتطلب منه همة عالية تتناسب مع ذلك المطلب العالي للتغلب على نفسه وملذاتها، مع تنقية تلك الهمم من كل شائبة تجره إلى الفتنة والمعصية،وإنما تفاوت الناس بالهِمم لا بالصور، والله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، حتى يصل الإنسان إلى هذه المرتبة فإن عليه أن يعمل على استقامة صلته بنفسه وبالله وبالناس وبالعالم الذي يعيش فيه، الأمر الذي يؤدي إلى ان يصبح بحق جديرا بان يكون وكيلا عن الله في الأرض يقيم فيها موازين العدل، ويرسي دعائم الحق، ويزرع الخير الذي تعود ثمرته على الآخرين، فيحث بنور الإيمان حيث يفرح بتوفيق الله ويثق في وعده بالنجاة وأن رحمته واسعة مبسوطة على العباد فيبادر العبد إلى الزيادة الإيمانية المستمرة بإقباله عليه جل شأنه،فالتوفيق الأعظم هو التبرؤ من حولك وقوتك، فإن العبد لا حَول له ولا قوة إلا بالله فإن نسي ذلك وتعلق بغير الله أو أُعجب بنفسه فرأها أهلا للنجاح على وجهِ الاستقلال والتشبث بالأسباب وحدها خاب وخسر في سعيه.