14 سبتمبر 2025

تسجيل

ثوب الخياط

21 يناير 2014

أرى أن الخياط هو أكثر شخص حكيم في مجتمعنا، فهو يفصل لنا ثياباً بمقاسات جديدة في كل مرة نزوره فيها، ولا يعتمد على القياسات القديمة أو قياس موحد لكل الزبائن.. فهو يعطي كل شخص حقه، بتفصيل ما يناسبه ويشعره بالارتياح.إن التغيير من سُنة الحياة، ومن يتوقف مكانه فهو يخالفها.. فأفكارنا تنضج، واعتقاداتنا تتغير، وأسلوبنا في الحياة أيضاً يتحول إلى أسلوب آخر في بعض الأحيان.نرى في بعض الأحيان من يقول انه يتقبل الآراء الأخرى، وعندما تواجهه بفكرة مختلفة عنه.. يحرقك بنار عداوته، وكأنك أكلت من لقمة عيشه.. ومن المؤسف أن نرى قانون النقاش في مجتمعنا هو "الاختلاف بالرأي يفسد للود قضية".فالبعض يخسر من يحبهم، فقط لأن الثوب الذي فصله لهم، لم يعد يناسب لمقاساتهم الجديدة، فيُفضل خسارتهم، على تفصيل أثواب أخرى جديدة مناسبة للتغييرات الجديدة فيهم.كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب عمه أبي طالب حتى آخر لحظة من حياته رغم شركه بالله تعالى وعبادته للأصنام، فهو كان يحب عمه لذاته ولم تكن اختلاف الديانة سبباً في تفرقة العم عن ابن أخيه، وعلى الجانب الآخر كان عمه يحميه رغم عدم إيمانه برسالة الإسلام، لكنه أراد السلام والأمان لابن أخيه، وألا يصيبه أي ضرر.وفي مجتمعنا يكرهون بعضهم البعض أحياناً من أول اختلاف في فكرة، أو مبدأ، أو معتقد معين.. فالكثير يفصلون ثياباً محددة للناس، فإذا لم تكن بمقاساتهم، يخرجونهم من حياتهم.يقول هيراقليطس (لا تستطيع وضع رجلك في نفس ماء النهر مرتين فإن الماء يتغير كما أنت تتغير) ويقول أيضاً (الشيء الوحيد الثابت في الحياة هو التغيير المستمر).. فكن مثل الخياط مع أحبتك، خذ مقاساتهم الجديدة في كل مرة تراهم، حتى لو اختلفوا عنك، فالحب الحقيقي قادر على تحطيم كل الاختلافات بين الأشخاص.