30 سبتمبر 2025
تسجيلحينما كنت أشاهد الأخبار وطلب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من دول الخليج تقديم الدعم، خاصة المادي، للعمليات العسكرية الفرنسية في مالي لطرد الإرهابيين الإسلاميين تذكرت مثلا مشهورا له حضور على الألسنة " فلان صوفته حمراء"، أي عرضة للتهم يسرع إليه ظن السوء فلو تمنعت الدول الخليجية عن دعم التدخل الفرنسي في شؤون مالي وشعبها المسلم وقالت لهم "وأنا مالي" فستكون بنظرهم داعمة للإرهاب، فالعرب والمسلمون – في نظر الغرب- صوفتهم حمراء على الدوام وإرهابيون بالفطرة.فرنسا – منبع الحرية والديمقراطية- قررت غزو مالي والتدخل في شؤونها الداخلية وضرب بإرادة شعبها عرض الحائط لتظهر للشعب المالي والعالم – كما فعلت أمريكا من قبل – أن المصالح أهم من الشعارات البراقة وأن إرادة الشعوب، خاصة الإسلامية، يتم الحجر عليها وتجاهلها عندما تكون الموارد الطبيعية لتلك البلدان بعيدة عن أيديهم، ففرنسا لن تفرط بالموارد الطبيعية لمالي من الذهب واليورانيوم والحديد وغيرها من الثروات الطبيعية من أجل حقوق الإنسان واستقلال الشعوب والحريات وغيرها من الشعارات التي تستخدمها الدول الغربية للاستهلاك الإعلامي. وعندما تشعر بالطمع والرغبة في وضع يدها على ثروات الشعوب في العالم الثالث تتباكى على الحريات وتنادي بمحاربة التطرف الإسلامي فتمارس القتل والقصف وتذبح المدنيين الأبرياء من أجل مصالحها فقط ومعاييرها المزدوجة، لذا لا يمكن أن نطلق على ما تقوم به فرنسا بالإرهاب- والعياذ بالله - فإرهابنا أحمر متعطش للدماء وإرهابهم أخضر وسلمي وقائم على نشر المحبة والسلام العالمي.المسلمون في مالي رغم أنهم لم يغزوا الشعوب الأخرى ويقصفوا المدنيين ويقتلوهم بدماء باردة. ورغم أنهم لم يرتكبوا جرائم ضد الإنسانية ولم يهددوا الأمن والسلم الإقليمي فضلا عن الدولي. إلا أنهم مجرمون وإرهابيون بالفطرة ويجب القضاء عليهم وحشد الجهود وجمع الأموال –خاصة من الدول الخليجية- لمحاربتهم وإبادتهم – وفق الشرعية الدولية- بينما يتم تجاهل جرائم الطائفيين في العراق وبورما والأحواز وما يحدث في سوريا من جرائم يندى لها جبين الإنسانية ومنح نظام بشار الدموي الفرصة تلو الأخرى والاكتفاء بالشجب والاستنكار لجرائمه!الحرب التي تشنها فرنسا على شعب أعزل – بحجة محاربة الإرهابيين- لا تصنف وفق معاييرها المزدوجة بأنها تدخل في شؤون دولة مستقلة وذات سيادة، بل ضمن محاربة الإرهاب الإسلامي الأحمر الدموي الذي يحارب القيم التي تقاتل فرنسا من أجلها وهي الحرية والعدالة والمساواة، رغم أن المسلم في فرنسا نفسها متهم دائما حتى تثبت براءته وحقوقه مهدرة ولكن لا يمكننا وصف ما تقوم به فرنسا من انتهاك حقوق المسلمين سواء داخل أو خارج فرنسا بالإرهاب والتعدي على الحريات ومخالفة شعاراتها التي تزعم الدفاع عنها. فالإرهاب الفرنسي أخضر سلمي حتى وإن كان ضد شعاراتها الرنانة ودعاواتها باحترام حرية الإنسان وحتى وإن كان ضد إرادة شعب مالي المسلم. وعلى العالم أن يتفهم الإرهاب الفرنسي وغزو الأراضي المالية كما تفهم من قبل الإرهاب الأمريكي الأخضر السلمي في العراق وأفغانستان وغيرها من الدول التي اكتوت بنيران ديمقراطيتهم المزعومة. رغم أن الإرهاب لا دين له ولا وطن ولكن العرب والمسلمين – حسب قوانين الغرب وفكرهم العنصري- هم وحدهم الإرهابيون والقتلة ومن يجوب القارات حول العالم بحثا عن الضحايا وارتكاب المجازر ونشر الدمار والفوضى في كل دولة يتواجدون على أراضيها. ورغم أننا دول وشعوب – رغم ثرواتها الهائلة – لا نملك مصانع للأسلحة كما في أمريكا وأوروبا والتي تضخ ملايين الأسلحة عبر قارات العالم لتبقى الحروب في العالم مستمرة.. ولا نسوقه على مستوى الأفراد والدول لتعتدي الدول على بعضها البعض ويقتل الأبرياء بلا ذنب ولا جريمة، لكن لا حياة لمن تنادي، فيبقى الإسلام والعرب –حسب أعينهم العوراء- منبع الإرهاب الأحمر الدموي وأما إرهابهم فهو أخضر وسلمي وهدفه الدفاع عن الديمقراطية والحريات! ومن أجل حرياتهم الغربية على العالم، خاصة المسلمين، دفع الثمن سواء من أموالهم أو أرواحهم.الأجدى بأمريكا والدول الغربية قبل أن توزع التهم على العرب والمسلمين وتنعتهم بالإرهاب والتطرف وقتل الأبرياء ونشر الفكر المتشدد الدموي أن تنظر لمواقفها وتدخلاتها غير المبررة في الدول العربية والإسلامية ومحاربتها لإرادة الشعوب في اختيار حكامهم أو أنظمة الحكم في بلدانهم وتكف يدها عن التدخل في شؤون الدول المستقلة وذات السيادة لينعموا بالحريات والاستقلال التي تزعم أنها تنادي بها وتدافع عنها.فبينما تنادي باحترام حقوق الإنسان وإرادة الشعوب تقوم وفق معاييرها المزدوجة بتجنيد المرتزقة والطوابير الخامسة في داخل كل دولة حول العالم لنشر الفوضى والدمار ولتبني أفكارهم وإرهابهم الأخضر السلمي.