14 سبتمبر 2025

تسجيل

بين الأمل والتاريخ

20 ديسمبر 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عادة ما تنتاب المراقبين الشكوك حيال نوايا الإسرائيليين عند كل انتخابات، ولعقود خلت كان بعض العرب يرى أن الانتخابات الإسرائيلية ما هي إلا استفتاء شعبيا على موضوع السلام مع الفلسطينيين، وبالتالي كان الكثيرون يهتمون بهوية الفائز في الانتخابات، بوصفها مؤشرا على استعداد المجتمع الإسرائيلي الانسحاب من الأراضي الفلسطينية في إطار اتفاقية سلام. واتفق انتصار إسحق رابين في انتخابات عام ١٩٩٢ مع انطلاق عملية مدريد، ما عزز الانطباع السائد عندئذ بأن العمل هو حزب السلام وأن الليكود هو حزب يعطل المسيرة السلمية. غير أن المجتمع الإسرائيلي آخذ في التغير لدرجة أن مركز السياسية انحرف باتجاه اليمين بشكل لم يعد معه ممكنا إقامة ائتلاف حكومي يوافق على الحد الأدنى من شروط السلام مع الفلسطينيين.وبصرف النظر عن محاولات وزيرة العدل المقالة تسيبي ليفني التركيز على موضوع السلام لتقويض فرص نتنياهو في الانتخابات القادمة، إلا أنه من الصعب القول إن الانتخابات التي ستعقد في شهر مارس القادم ستكون حول السلام مع الفلسطينيين، فالموقف من الفلسطينيين لن يكون العامل الحاسم في تحديد سلوك الناخب الإسرائيلي هذه المرة، وما يجري الآن يقع في باب التنافس الحاد بين مختلف القوى السياسية الإسرائيلية وفي سياق البقاء السياسي.وكما لاحظنا في كل انتخابات جرت في العقدين الآخرين، نجد أن الساسة في إسرائيل يتفننون في لعبة الاتهامات المتبادلة ويحملون بعضهم البعض مسؤولية تعطل عملية السلام أو تدهور الوضع الأمني أو تراجع العلاقات مع الولايات المتحدة، لكن ما إن يصل أحدهم لسدة الحكم حتى يبدأ التعامل مع واقع سياسي معقد يجعل من التفكير بالتوصل إلى اتفاق سلام ضربا من الخيال، فتركيبة الكنيست في كل مرة لا تسمح بإنتاج ائتلاف سلام يحكم إسرائيل لمدة أربع سنوات بشكل مستقر.والراهن أن السياسة الداخلية الإسرائيلية أو لنقل ديناميكية القوة في المجتمع الإسرائيلي لن تساعد هذه المرة أيضا على إنتاج ائتلاف سلام في إسرائيل، وبالرغم من محاولة رئيس حزب العمل هرتزوغ ورئيسة حزب الحركة تسيبي ليفني في توحيد قائمتهما الانتخابية لتعزيز فرص إلحاق هزيمة بنتنياهو إلا أنه من غير المنتظر (كما تشير كل استطلاعات الرأي العلمية) أن تفوز قائمتهما بأكثر من ٢٤ مقعدا، وهذا يعني أنه حتى لو فازت القائمة بالمرتبة الأولى وحتى لو طلب رئيس الدولة من هيرتزوغ تشكيل حكومة فإنه سيلجأ لأحزاب يمينية لن توافق على السلام مع الفلسطينيين إن كان ذلك يستلزم انسحابا إسرائيليا من الأراضي الفلسطينية المحتلة.اللافت أن نتنياهو ما زال يلعب على عامل الخوف عند الإسرائيليين ليعزز الانطباع بأنه قوي الشكيمة وخاصة بعد أن نشر جيفري غولدبيرغ مقالا في مجلة ذي أتلانتك نقل فيه على لسان مسؤول أمريكي رفيع المستوى أن نتنياهو لم يمتلك الجرأة لمهاجمة إيران. وفي خطاب نتنياهو قبل ثلاثة أسابيع تقريبا قال فيه بأنه قام بطرد تسيبي ليفني ويائير لبيد، لأنهما كانا ناعمين مع الفلسطينيين وإيران، واتهمهما بأنهما لم يدافعا كما ينبغي عن القدس وكذلك عن إسرائيل كدولة يهودية. وأضاف نتنياهو أن لبيد وهو رئيس حزب "يوجد مستقبل" قام بتقويض سياسة إسرائيل الهجومية ضد البرنامج النووي الإيراني عندما قام لبيد بانتقاد قرار نتنياهو بمقاطعة خطاب الرئيس الإيراني حسن روحاني بالجمعية العامة بالأمم المتحدة. وفي محاولة لإظهار تردد لبيد ومن معه، قال نتنياهو بأن لبيد قام بتقويض سياسة الحكومة المطالبة الرئيس محمود عباس للاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي.بالمقابل لم تتوقف ليفني ولبيبد وهيرتزوغ من انتقاد نتنياهو بإظهاره رئيسا غير مسؤول عندما قام بوضع خطط بناء الوحدات السكنية في المستوطنات، كما قامت ليفني بوصف قرار نتنياهو بمقاطعة محمود عباس بأنه قرار غبي، ما أثار حفيظة نتنياهو الذي يرى بها وزيرة متمردة على "الإجماع" الحكومي. إذن الخلافات هي على كل المستويات ولا يجدر بنا أن نقلل من أهمية الخلافات على الموازنة وتحديد أولوية الإنفاق العام في الدولة. وفي هجومها على نتنياهو قالت ليفني إن الصراع ليس على الموازنة وملف الضرائب بقدر ما هو صراع بين المعسكر الصهيوني والمعسكر المتطرف الذي سيدمر الدولة.عبثا يحاول المراقب أن يجد ما يمكن أن يخلق أملا بأن السياسة الإسرائيلية ستساهم في خلق أجواء مناسبة للتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وربما هذا ما دفع دانيال كيرتس (السفير الأمريكي الأسبق في إسرائيل) بأن يكتب مطالبا رئيس الولايات المتحدة بألا ينتظر نتائج الانتخابات الإسرائيلية وأن يقدم بدلا من ذلك خطة سلام أمريكية، فتاريخ العلاقة بين الانتخابات الإسرائيلية والسلام لا يخلق الأمل المنشود بإحلال السلام، لهذا استحال السلام إلى سراب.