14 سبتمبر 2025
تسجيلالشعر العربي يحتوي على الكثير من القصائد "البكائية" إن جاز التعبير، فبعض الشعراء بكوا على الأطلال، وبعضهم بكى على فراق الأحباب، وبعضهم بكى على حوادث الدنيا وتقلبات الزمان، وبعضهم بكى على شتات الأهل والأولاد، وبعضهم بكى على سقوط الدول، وبعضهم بكى من كثرة ذنوبه بعد أن التزم بتعاليم الدين، وبعضهم بكى على موت عزيز لديه.. والمواضيع كثيرة في هذا الباب، ومن ذلك قول عبدالله بن الدمينة: إذا هَتَفَتْ وَرقَاءُ في رَوْنَقِ الضُّحَىعلى غُصنِ بانٍ أَوْ غُصونٍ من الرَّندِبَكَيتُ كما يَبكي الوَليدُ ولم أَكُنْجَليداً وأَبديتُ الذي لم أَكُنْ أُبدي أما الفارس عنترة بن شداد العبسي فيقول في هذا المجال:أَحِنُّ إلى تلكَ المنازلِ كُلَّماغَدا طائِرٌ في أَيكَةٍ يَتَرَنَّمُبَكيتُ من البَينِ المُشِتِّ وإِنَّنيصَبُورٌ على طَعنِ القَنَا لَوْ عَلمتُمُ وهذا الشاعر الفرزدق حيث يقول:أَلَم تَرَ أَنِّي يومَ جَوِّ سُوَيقَةٍبَكَيتُ فنادتني هُنَيدةُ ماليافقلتُ لها إِنَّ البُكاءَ لَرَاحَةٌبِهِ يَشْتَفي من ظَنَّ أَنْ لا تَلاقيا وفي هذا المعنى يقول صفي الدين الحلِّي:ساروا وقد قَتَلُوني بَعدَهم أَسَفاًيا لَيتَهم أَسَروا في الرَّكبِ من قَتَلُواوَخَلَّفوني أَعُضُّ الكَفَّ من نَدَمٍوأُكثرُ النَّوحَ لما قَلَّتِ الحِيَلُ وفي هذا الباب يقول العباس بن الأحنف:إذا ما دَعَوتُ الصّبرَ بَعدَكِ والبُكاأَجَابَ البُكا طَوعاً ولم يُجِبِ الصَّبْرُفإنْ يِنقَطِع منكِ الرَّجاءُ فإنَّماسَيَبْقَى عليكِ الحُزنُ ما بِقيَ الدَّهرُ أما المتنبي فهو الذي قال عندما توفيت جَدَّته:أَحِنُّ إلى الكأسِ التي شَرِبَتْ بهاوأهْوَى لمثواها التُّرابَ وَمَا ضَمَّابَكَيتُ عليها خِيفَةً في حَيَاتِهاوذَاقَ كِلانا ثُكْلَ صاحِبِهِ قِدْما فهذا الشاعر أبو الحسن التهامي الذي توفي له طفل فقال في رثائه:بِنَفْسي هِلالٌ كُنتُ أَرجو تَمَامهفَعَاجَلهُ المقدارُ في غُرَّةِ الشَّهرِأَتَاهُ قَضاءُ اللهِ في دَارِ غُربَةٍبِنَفْسي غريب الأَصلِ والقَبرِ والقَدرِفإنْ أَبكِ فالقُربى القَريبة تَقتضيبُكائي وإِنْ أَصبِر فبقيا على الأَجرِفلا تَسأَلوني عنهُ صَبراً فإنَّنيدَفَنتُ بِهِ قَلبي وفي طَيِّهِ صَبري وبما أننا تطرقنا لباب البكاء على الأموات، فلابد أن نُعَرِّج إلى الشاعرة الخنساء التي قالت في رثاء أخيها صخر:يا عَيْنُ فِيضي بِدَمعٍ منكِ مِغزارِوابكي لِصَخرٍ بِدَمعٍ منكِ مِدرارِإنِّي أَرْقْتُ فَبِتُّ الليلَ ساهِرَةًكأَنَّما كُحِلَتْ عَيني بِعُوَّارِوسلامتكم...