15 سبتمبر 2025

تسجيل

خلوهم يستأنسون

20 ديسمبر 2011

نحن شعب بحاجة لأن يفرح وقد حقق الله لنا هذي الأماني. نحن شعب يريد أن يبكي من السعادة وقد أذرف الله لنا هذه الدموع. نحن شعب خلقه الله لتستمر أهازيجه وأفراحه وهذا قدر الله لنا! نحن ونحن ونحن.. نعم شعب قطر الذي يعيش منذ فترة فرحة تغمره من الماء إلى اليابسة بكل جهاته الأربع.. بالأمس كانت لقطر فرحة عاشها صغيرها وكبيرها رجالها ونساؤها بمناسبة اليوم الوطني لها.. بالأمس توالت الأفراح تمخر عباب هذا الوطن الذي يعيش منذ إعلان فوزه بتنظيم كأس العالم أياماً مليئة بمظاهر الفخر والسعادة بنيل هذا الاستحقاق تواصلت حتى امتزجت بأفراحنا بذكرى اليوم الوطني فكانت الفرحة مضاعفة والآمال تتعالى في دعوات تتضرع لله عز وجل أن يحفظ هذا البلد من كل شر وأن يرعاه بعينه التي لا تنام ولكن — وليتني أفتك من حرف الاستدراك هذا الذي يقف كالصنديد أمامي متحديا أن أكمل سلسلة إعجابي بما يخطه قلمي — كيف كانت الفرحة؟!..كيف كان التعبير لهذا الوطن بأن اليوم الوطني يمثل لنا فخراً بذكرى التأسيس وإن للفرحة آدابا وأصولا؟!..للأسف فالمسيرة التي امتدت على طول الكورنيش وتزامنت مع هذا الاحتفال الجميل شهدت من "الابتذال" ما يجعلني أعتذر لقطر على سوء التعبير لفرحتنا بها.. أعتذر لها على (المظاهر الصبيانية) التي قام بها السواد الأعظم من شبابنا وفتياتنا وكل عذرهم "خلونا نستأنس"!!.. فكيف هي الوناسة؟!..هل كانت بالرقص المبتذل الذي لا نعرف صاحبه إن كان رجلاً أم فتاة أم انه يجمع الاثنين في واحد؟!!.. هل كانت الوناسة بأن تتعلق الفتيات فوق السيارات ويشاركن الشباب الصياح والهتاف متخليات طوعاً عن الحياء الأنثوي الذي يجعل مني ومن غيري من الفتيات نخجل مما قام به البعض منهن من مهانة لكرامتهن وكرامة أهاليهن الذين أسأل عنهم كلما لمحت (سبالة) تجلس فوق السيارة (مكممة) وجهها بلثام يستر ما قبح و(بقذلة) أخفت الجبهة العريضة التي إن دلت في أوساط الخبراء على الذكاء فقد كانت لدى صاحبتنا هذه وسيلة رخيصة لدعوة الشباب للتحرش بها والنظرة إليها بشكل (رخيص) وإنها بالفعل في متناول من يرمي الشباك ويصيب وربما لمن يدفع أكثر!!..للأسف إن المسيرة أفرزت مفهوماً خاطئاً للفرح.. أعطت محصولاً غير ناجع لما يمكن أن نستدل به على مستقبل البلاد من الشباب والفتيات!.. أثبتت المسيرة التي أتحفظ على تسميتها بالمسيرة (الوطنية) بأن الذين كانوا يترجلون من سياراتهم للرقص المايع على الأرصفة والقيام بحركات فيها من (الهبال والخبال) الكثير إنها بحاجة لمن يعطي لها آداباً وقوانين لكي لا نرى الذي رأيناه خلال اليومين الماضيين من مشاهد يندى لها الجبين العذر الوحيد فيها "خلوهم يستأنسون"!!..لا ياسادة.. الفرحة لا تكون بهذا الشكل ولم تكن يوماً هكذا.. لا يمكن أن تكون فرحتي لوطني بأن أدعو الجميع لملاحقتي والتغزل بي وكأن لا دين لي ولا حياء ولا أهل يجب أن أحافظ عليهم بحملي لاسم رباعي وخماسي يؤكد أنني أحمل من الأمانة الشيء الكثير وعذري في هذا الدنيا عيد!.. لا يمكن أن أشعر بأن احتفالي بذكرى تأسيس قطر يجب أن يكون برقص الرجال ومنافسة النساء في هز الخصور والأرداف!.. وأتحدى هؤلاء إن كانوا يعرفون عن تاريخ التأسيس شيئاً أو أن يعلموا نبذة عن مؤسسها الشيخ جاسم بن حمد او سطراً واحداً!.. لذا لنعمق مفهوم تأسيس الدولة في النفوس بشيء أعمق بكثير من تزيين السيارات وإجازة عن العمل وتنظيم مسيرة تختلط الأجناس وتعلو الصيحات بأرقام الهواتف وتطاير الرغوة وضياع القيم وتدني الأخلاق والفرحة العوجاء التي يعلوها شيء كثير من القصور.. من حق شباب اليوم أن يعرفوا عن تاريخ دولتهم بأكثر من هذه المظاهر التي تؤكد أن لدينا طاقة للفرح لأجل أي شيء دون التعمق بقيمة ومناسبة الشيء الذي نفرح له!.. من حقنا أن نتعلم أدب السعادة حينما تكون قلة الأدب حاضرة بقوة بيننا!!.. فالذي حدث في فرحة الوطن بالأمس القريب يؤكد أننا نعمق الاحتفال بهذه الذكرى من خلال الترويج لمحلات زينة السيارات والمطابع والمغاسل واكتشاف مواهب جديدة في الرقص والتحرش فقط!!.. فهل يعقل أن تكون أرض الكورنيش صباح أول أمس مرتع الرجال وترتعد تحت خطوات البواسل الذين قدموا لنا أجمل العروض العسكرية المبهرة وتتحول بقدرة قادر في المساء لمن لا يعرف جنسهم في رقصهم وحركاتهم وتعبيرهم المبتور بأن الاحتفال لم يكن تنكرياً من خلال الأقنعة ولكنه احتفال لإظهار الوجوه القطرية الأصيلة المتزنة التي يعلم شبابها حدودهم فيقفون وتنزوي فتياتها بخجل وأدب؟!.. اسمحي لنا يا قطر على القصور فقلبك كبير و... يسامح! فاصلة أخيرة: من حقك يا قطـــر علينا أن نفرح بك عروساً مكتملة الحسن والجمال ومن حقنا أن نزفك بأحلى الصور لكن من غير الحق لنا ولك أن يوجد بيننا من يعيبون عليك حسنك ويكونون نشازاً حينما نغني الله يا عمري قطـــر!!