11 سبتمبر 2025

تسجيل

كتارا تعيد إحياء التاريخ

20 نوفمبر 2015

أجمل ما في الدوحة حيها الثقافي، فهو ملاذ المثقفين والوراقين والباحثين عن اللغة والتاريخ والحضارة والفكر والثقافة والأدب.. تتفجر فيه ينابيع الثقافة وتشرئب فيه أشجارها الباسقة لتتدلى منها ثمار يانعة على كل غصن من أغصانها.الحي الثقافة "كتارا" لا يقدم فعلا ثقافيا جامدا أو سارحا في بطون الكتب، بل يحول النظرية إلى تطبيق ويترجم الحالة إلى واقع معاش على الأرض، في الفنون والموسيقى والتراث والفولكلور، ويحول الشعر والأدب إلى قضايا معاشة، وينقل التاريخ من الماضي إلى الحاضر ليراه الناس رؤيا العين، وهذا بالضبط ما تعكسه الرحلة البحرية الطويلة لمحمل "فتح الخير" من شاطئ الحي الثقافي "كتارا"، في الدوحة، إلى ميناء مومباي في الهند. وهو عمل ثقافي تراثي تاريخي نقل المتخيل إلى مرئي وملموس، فهذا المحمل الذي انطلق في رحلته وعلى متنه 30 بحارا، ليصل إلى ولاية صور العمانية، ثم إلى الهند عابراَ بحر العرب والمحيط الهندي، قبل أن يعود إلى الدوحة مرورا بالعاصمة العمانية مسقط، لتتزامن هذه العودة مع انطلاق مهرجان المحامل التقليدية الخامس على شواطئ كتارا.رحلة "فتح الخير" البحرية هي الثانية من نوعها، وهي تعكس من جهة محاكاة لما كان به الآباء والأجداد في عصر الغوص لصيد اللؤلؤ، ومن ثم السفر إلى الهند لبيع هذا اللؤلؤ الثمين، وجلب الأغذية والقماش والحرير والعطور والأخشاب والأثاث ومواد البناء، وأدوات صناعة السفن.يقال إن من كان بلا ماضٍ لا حاضر ولا مستقبل له، وهذا ما يضيف على ما تقوم به كتارا بعدا مهما في إحياء التراث والماضي ونقله إلى الأجيال الحالية، وهذا ما ترجمه شعار "أيام ما حِنّا بالإبحار نِعتاش" للمهرجان الخامس للمحامل التقليدية، فهو وفاء للآباء والأجداد واستحضار لما كابدوه من أجل بناء قطر ووضعها على خريطة العالم.إن قيام الحي الثقافي "كتارا" بنبش التراث، وإعادة تركيب الأيام الخوالي على محامل الخشب، وأن تستقطب 30 بحارا قطريا للقيام بالسير على خطى الآباء والأجداد في رحلة "فتح الخير 2" والتي سبقها "فتح الخير 1" والتي شارك فيها 44 بحارا قطريا، هو التزام تجاه الوطن والمواطن يعلي من شأنهما.على الرغم من هذه الجهود الكبيرة، التي استقطبت وكالات الأنباء العالمية، وحازت على ثناء الرأي العام، وشهد لها القاصي والداني، فإن قلة "لا يعجبها العجب" تتعمد، التشويش على هذه النشاطات بطريقة تخلو من الإنصاف والشفافية. وهو أمر غير مقبول.من حق كل إنسان أن ينقد أي عمل، سلبا أو إيجابا، وأن يقول رأيه، شرط أن يتحلى بالمصداقية والأمانة والمهنية والدقة، خاصة وأن أبواب الحي الثقافي "كتارا" مشرعة للجميع، لأن هذا الحي بني للناس ومن أجلهم، ولا قيمة له بدونهم."كتارا" هي مشروع قطر الثقافي الكبير، وهي هدية قطر للمثقفين والباحثين عن الثقافة، وهي هدية للباحثين عن المتعة الهادفة، من فكر وثقافة وفن، فكل قاعات ودروب الحي الثقافي تنبض بما هو مفيد وممتع، لأنه ملتقى الثقافات وقلب الدوحة النابض والرئة التي تضخ منها الدوحة "أكسجين الثقافة" في كل أوصال المدينة والدولة، من جائزة كتارا للرواية إلى مسابقة "شاعر الرسول".. وما سيأتي من مفاجآت هي الأفضل والأجمل على مستوى العالم العربي كله.