13 سبتمبر 2025

تسجيل

كنزٌ بين يديك

20 أكتوبر 2022

الوقت له أهمية كبرى في حياة كل إنسان؛ لأنه رأس ماله الحقيقي، فما العمر إلا أوقات معدودة لها بداية ونهاية.. فنعمة الوقت نعمة عظيمة لا بُدَّ من الحرص عليها والحث على اغتنامها والتذكير بفضلها بين الحين والآخر، ولقد انتشرت الملهيات انتشارًا كبيرًا أدَّى إلى إهدار الأوقات وضياع الأعمار دون استثمارها في الإكثار من الطاعات وزيادة الحسنات، ففي هذه الأزمان نرى التقدُّم الواسع والانتشار السريع للتكنولوجيا والإنترنت ومزيدا من المواقع والتطبيقات التي ألهت الكبار قبل الصغار، لا سيَّما مع استخدام أجهزة الاتصال الحديثة التي سهَّلت وصول الإنسان إلى كل شيء وهو بمكانه لا يحتاج إلى عناء أو جهد، فهذا التقدم وإن كان له منافع وجوانب مهمَّة في عصرنا الحالي فإنه لا بُدَّ من الحذر على أوقاتنا من تضييعها في اللهو والتصفُّح ومتابعة أخبارٍ تهمنا أو لا تهمنا، والبحث عن أشياء ربما لن تعود علينا بنفع أو فائدة، كل ذلك بسبب الفراغ الذي لم نستغله لصالحنا؛ وذلك لجهلنا بقيمة الوقت وأهميته الكبيرة في حياتنا. • ولقد اهتم الشرع الحنيف بالوقت اهتمامًا بالغًا؛ ففي القرآن الكريم عشرات المواضع التي ذكر الله فيها الوقت وتعاقُب الليل والنهار، وكذلك أقسم سبحانه وتعالى بالوقت في فواتح كثيرٍ من قصار السور في كتابه العزيز؛ فقال تعالى: «وَالْعَصْرِ» (العصر: 1). وأقسم بالفجر كذلك، فقال: «وَالْفَجْرِ»(الفجر: 1). وأقسم باللّيل والنهار، فقال: «وَاللَّيْلِ إذا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إذا تَجَلَّى» (الليل: 1، 2). ومن عظم شأن الوقت لكل مسلم، فقد ربط الخالق، سبحانه، أركان هذا الدين العظيم بأوقات محددة، كالصلاة التي هي عماد الدين والتي لها أوقات محددة لأدائها، فقال تعالى: «إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا» (النساء: 103). فقد جعل الله لكلِّ صلاة وقتًا تُؤدَّى فيه. ثم تأتي الزكاة، فيجب على المسلم إخراجها بشرط مرور العام واكتمال النصاب. وفريضة الصيام أيضًا لها شهر محدد في العام الهجري، حيث إننا نصوم في شهر رمضان. والحجُّ كذلك مفروضٌ على المسلم القادر المستطيع في وقت الحج ومرة واحدة في العمر. فهذه الدلالات كلها لها حكمة ربانيَّة وفائدة دنيويَّة لكل مسلم حريص على استثمار أوقاته فيما ينفعه. • ثم جاءت السنَّة النبويَّة لتوضِّح هذا القيمة العظيمة للوقت وتؤكد اغتنامها؛ فعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لرجل وهو يَعِظُه: «اغتنِمْ خمسًا قبل خمس: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغِناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك». وكذلك رُوي عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنّه قال: «نِعْمَتان مَغْبُون فِيهما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ». وحذرنا رسولنا الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - من تضييع الأوقات؛ لأن العبد سيُسأل يوم القيامة عن أوقات عمره؛ فقد قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامة حتَّى يُسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ». لذلك، وجب علينا الحذر من تضييع أوقاتنا في غير الطاعات ومرضات الله تعالى. • فلا بُدَّ من تقسيم أوقاتنا تقسيمًا صحيحًا بين عباداتنا وأعمالنا وما يجب علينا تجاه الأسرة والأهل والمجتمع، وأن نجعل أوقاتنا كلها عامرةً بذكر الله ونحتسب فيها كلها النوايا الحسنة والقصد الطيب؛ حتى نؤجَر عليها، وبذلك نحافظ على أوقاتنا من الضياع ونستثمر أعمارنا في الطاعة وزيادة الحسنات. • الخلاصة: نقول إن الوقت كنز بين يديك، فبيدك أن تتحكم في استثمار وقتك ومنفعتها في الدنيا والآخرة، أو الضياع وعدم المنفعة في الدارين نسأل الله السلامة والعافية. • دعاء: نسأل الله تعالى أن يبارك في أعمارنا وإياكم على طاعته، وأن يبارك لنا ولكم في أوقاتنا وأن يجعلنا مفاتيح للخير ومغاليق للشر وأن يرزقنا جميعاً من خير الدنيا ونعيم الآخرة.. اللهم آمين.