11 سبتمبر 2025
تسجيلمنظر الجيش العراقي وهو ينهار أمام ضربات مليشيا داعش بصورة مهينة، لهو منظر يبعث على الحزن والأسى على الجيش الذي كان أحد أقوى جيوش المنطقة قبل الغزو الأمريكي، ويهابه القريب والبعيد. أما تدمير مقدرات العراق الاقتصادية ونهب ثرواته، وتفكيك عراه الاجتماعية بإحياء النعرات الطائفية والعشائرية والتغابنات التاريخية التي أخذت تقعد بالعراق كما نرى اليوم، فقد أكملت اللوحة القاتمة التي خلفها الغزو الأمريكي الظالم.. من المفارقات المضحكة أن الرئيس بوش زعم أن العراق سيكون على موعد مع التاريخ حال الفراغ من تشطيب أوضاع ما بعد الحرب. وجزم أن العراق سيكون واحة سلام واستقرار وديمقراطية وأنموذجا يحتذى في الشرق العربي، ونواتا للشرق الأوسط العربي الجديد. ومركز انطلاق عربيا - أمريكيا نحو الفضاء الشرق آسيوي. وتصديقا لهذه الأوهام قررت الخارجية الأمريكية فتح سفارة أمريكية بمواصفات خاصة وحجم استثنائي خاص يعمل فيها جيش جرار من الموظفين قدر بألف موظف يمثلون وحدات حكومية شبه مستقلة تعمل بصلاحيات مركزية كاملة. وقد وصف المتحدث باسم الخارجية أنهم يريدون أن تكون السفارة الأمريكية الجديدة في العراق بمثابة الـSpring Board نحو الجوار العراقي والجوار الإقليمي الشرق آسيوي. ما يقع في العراق هذه الأيام من انتكاسات عسكرية واقتصادية وسياسية خارجة عن السيطرة تعكس حجم الأوهام الأمريكية وحجم الجرم الذي ارتكبته مجموعة المحافظين الجدد التي تسيدت إدارة الرئيس بوش في دورتها الأولى ورتبت لغزو العراق بحجج ومعلومات مفبركة كاذبة كانت أشهرها كذبات نائب الرئيس الأمريكي وقتها ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندليسا رايس التي زعمت فيها أنه ليس أمام العالم إلا أسابيع قليلة قبل أن يذوب في الدخاخين النووية إذا لم يستعجل في حراكه ضد مشروع العراق النووي. وطبعاً يتذكر العالم فبركات نائب الرئيس الأمريكي لقصة تزود صدام حسين باليورانيوم من إحدى الدول الإفريقية. يذكر أن الإعلام الأمريكي الغاضب من أكاذيب إدارة الرئيس بوش وتوريطها لأمريكا في حرب خاسرة هاجمت الإدارة وطالبتها بالاعتذار عن أكاذيبها ومبالغاتها. رفضت الإدارة الاعتذار بحجة أن الجميع اخطأوا في التقدير وليس إدارة بوش وحدها التي أخطأت! المهم هو أن الحكومات التي آلت إليها الأمور بعد الغزو كانت حكومات صناعة أمريكية لم تقدر أن تقول شيئا لأمريكا. لكن الأجيال العراقية القادمة لن تتصالح مع فكرة عفا الله عما سلف التي يبدو أنها ستكون المخرج المنتظر للذين فرطوا في حقوق الشعب العراقي. الدمار الكامل الذي آل إليه العراق اليوم سوف تسأل الأجيال القادمة عن مسبباته. وعن أوجه القصور في عدم ملافاته. ولأن السؤال كبير، يجب أن تكون الإجابة عليه بذات الكبر. لن تقبل أجيال ثورة المعلومات العراقية القادمة في الطريق، لن تقبل تبرير الوزيرة الأمريكية الساذجة بأنهم أخطأوا مثلما أخطأ الآخرون! جريرة المجرم الذي يضغط على الزناد هي أكبر من جريرة المحرض. لقد ضغط مجرمو إدارة الرئيس بوش على زناد الجريمة وأهلكوا آلاف العراقيين قتلا. ودمروا مدن العراق ونهبوا خيراته. ومع ذلك لم يسأل المالكي الأبكم. لم يسأل حماته الذين سلموه إلى مصيره في نهاية الأمر، لأنه في جميع الأحوال لن يصح إلا الصحيح. لقد آن الأوان أن يحرك القانونيون العراقيون دعوى دولية عالمية ضد المجرم جورج بوش لتدميره لبلدهم عن سبق الإصرار والترصد. وقديما قيل ويقال اليوم وفي أي يوم "ما ضاع حق وراءه مطالب".