بـعـد كــبــدي

لو طرح عليك سؤال: مَن الأشخاص الذين يمكن أن تناديهم بـ (بعد كبدي) ؟ مَن مِن المقربين أو الأصدقاء أو الرموز أو الشخصيات الذين يقترن ذكرهم عندك بكلمة كفو أو بعد كبدي؟، هناك العديد من المقربين الذين تحبهم بلا شروط مثل: أفراد أسرتك والوالدين، وأيضا العديد من الربع الي (يصـفـطـون ) لك، واللي يتمنون لك الخير مثل ما يتمنون لأنفسهم. كلمة بعد كبدي تعني: اللهم أطل عمر السامع ليعيش بعد وفاتي، بعد أن تبلى كبدي في القبر، هذا أسلوب يعكس مدى قوة العلاقة أو المشاعر الجياشة أو الامتنان بالفضل. لدي صديق من هذا النوع كلما ذكرته في نفسي دعوت له وقلت بعد "جـــبدي" لأني أتمنى له طول العمر. الحب غير المشروط هو إحدى صور المشاعر الحقيقية، فلا يمكن أن أحب شخصاً لأنه ابن فلان أو لأن مستواه الاقتصادي مرتفع أو قد تكون لي معه مصلحة شخصية مستقبلا. الحب المجرد هو الذي يبقى ويستمر، عد بذاكرتك الآن واستعرض قائمة بأسماء الأشخاص الذين خرجوا من حياتك؛ ستجد أن تلك العلاقة كانت لمصلحة ما، بينما الأشخاص المستمرون معك حتى هذه اللحظة تربطك معهم علاقة أخوية تحققها رغبة الطرفين في أن تكونا تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله. يذكر علماء الاجتماع أنواعاً كثيرة من الحب حددوها في الأغلب بسبعة: حب الله سبحانه وتعالى، والحب الخيالي، وحب الصداقة، والحب العائلي، وحب الحياة والناس، والحب العملي، وحب الذات. جميع هذه الأنواع يتعرض لها الشخص العادي في فترات مختلفة من حياته. القارئ المتعمق والمطلع ومن يوفقه الله هو الذي يمر على تلك الأنواع بحكمة ورزانة، فالاعتدال مهم باستثناء حبنا لله ورسوله فهو حب أزلي سرمدي لا ينتهي. ما يميز المشاعر أنها غير قابلة للتلاعب أو المساومة، الشخص الذي يستغل مشاعر الآخرين تجاهه فإنه يسيء استغلال الأبعاد الإنسانية، والعاشق الذي يبتز الطرف الآخر فإنه يسيء استعمال العواطف وتوجيهها في اتجاه خاطئ. انظر إلى الصلاة التي تصليها لله: الخشوع الطمأنينة، الراحة، كلها ثمار لحبك الحقيقي لله. وعندما تتفكر في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعيش المواقف المختلفة التي عاشها والظروف الاستثنائية التي واجهته لا تملك إلا أن تحبه أكثر فتذرف عيناك. بعض الأشخاص "مريح راسه" فلا يحكم على الآخرين ولا يتطلع لما في أيديهم من نعم الله ولا يقارن حالاته الحياتية المختلفة، فتجده يعيش ببساطة ويسامح الجميع ويحب الجميع، مثل هذا الشخص لا تجد عليه مظاهر الشيخوخة مهما تقدم به العمر، والبعض الآخر تراه يرى هموم الدنيا وكأنها خلقت له، فتراه ذا سبعين عاما في حين أنه لم يكمل عمره الأربعين. الشعور بالبساطة والعيش بسلام مع الله ومع النفس ومع الآخرين ؛ يجعل الإنسان يتفاعل مع الأحداث بانشراح ورؤية قانعة، مثل هذا يمكن أن تقول له أيضا " بـعـد كـبـدي". أضف إلى ذلك فإن في كل مناهج التعليم في جميع الدول يُطرح موضوع الصداقة الحقة، ويرمى من وراء ذلك إلى ضرورة اختيار الصديق الذي لا يبني عشرته على مصلحة ويعتبر " الـخـوي " الصح ونناديه ببعد كبدي. رموزنا الذين نحبهم حتى ولو لم تجمعنا بهم لقاءات مباشرة، يكفي متى ما رأينا صورهم أو لقطات فيديو لهم في وسائل الإعلام يكفي أن ندعو لهم بظاهرالغيب ونقول: هذا بعد كبدي. آخر المطاف: يقول الشاعر العراقي: لا تعلى على البشر، يعلا ويطيح الطير.. هي الحياة كذا يا بعد جــبــدي. دمتم بود. [email protected]