01 نوفمبر 2025

تسجيل

تاسوعاء وعاشوراء

20 سبتمبر 2018

إن الله -عَزَّ وجَلَّ- خصَّ هذه الأمةَ المسلمةَ بخصائصَ عظيمةٍ وجليلةٍ عن سائرِ الأُمم، وإنَّ الله أفردَها وميَّزها عن بقيةِ الأُممِ. فالمتأمِّلُ لهذه الأمةِ، وما خَصَّها اللهُ -عَزَّ وجَلَّ- به من الخصائصِ يجد العَجَبَ العُجَابَ؛ لما حباه اللهُ لهذه الأمة عن غيرِها، فكانت من أفضلِ الأُممِ، وكان رسولُها أفضلَ الرُّسلِ، ودينُها أحسنَ الأديانِ، فهي أمةٌ مخصوصةٌ ومصطفاةٌ، ومن عظيم فضل الله تعالى على أمة الإسلام أن جعل لها العامَ كلَّه مواسم للطاعات ومواطن عظيمة للعبادات وتحصيل الدرجات، فها نحن في شهر الله المحرم وهو من الأشهر الحرم، وبداية عام جديد، تتوالى علينا فيه النفحات والبركات والخيرات من ربِّ الأرض والسماوات فرصةً لتكفير ذنوب وسيئات العام الماضي. تُقْبِل علينا في هذه الأيام ذكرى عظيمة، ألا وهي عاشوراء، يوم نجَّى الله -عزَّ وجلَّ- فيه  موسى عليه السلام وبني إسرائيل من قبضة فرعون وقومه، ففيما روى البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «قَدِم النَّبي -صلى الله عليه وسلم- المدينةَ فرأى اليهودَ تصومُ يومَ عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يومٌ صالحٌ، هذا يوم نجَّى الله بني إسرائيل من عدوِّهم، فصامه موسى -عند مسلم شكرًا- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنا أحقُّ بموسى منكم. فصامه وأمر بصيامه». وفضل صيام عاشوراء هو تكفير ذنوب العام الذي مضَى، وهو فرصة لتطهير المسلم نفسه من ذنوب عام كامل ليستقبل العام الجديد بنقاء وطهارة. فقد ورد في صحيح مسلم «أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- سُئل عن صوم يوم عاشوراء. فقال: يُكفِّر السَّنة الماضية». ويستحبُّ للمسلم أن يصوم اليوم التَّاسع مع اليوم العاشر من شهر المحرَّم؛ وذلك لما ورد في الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «حين صام رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنَّه يوم تُعظِّمه اليهود والنصارى. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع» قال: فلم يأت العام المقبل، حتى تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه مسلم. وصيام عاشوراء له مراتب هي ثلاثة وردت في قول ابن القيِّم: "فمراتب صومه ‏ثلاثة: أكملها: أن يُصام قبله يومٌ وبعده يومٌ. المرتبة الثانية: أن يُصام التَّاسعُ والعاشرُ، وعليه ‏أكثر الأحاديث. المرتبة الثالثة: إفراد العاشر وحده". زاد ‏المعاد لابن القيم. فيُستحبُّ للمسلم اغتنام هذه الذكرى المباركة وتحصيل أجرها واتباع سنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم. اللهم بارك لنا في أوقاتنا وأعمارنا، وتقبَّل طاعتنا، واجعلها خالصةً لوجهك الكريم، ولا تحرمنا أجر هذه الأيام المباركة. اللهم اغفر لنا فيها ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم أعنّا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك، اللهم آمين.