12 سبتمبر 2025
تسجيليعيش الأقصى هذه الأيام محنة كبيرة وخطيرة بعد استباحة الجنود الإسرائيليين المسجد الأقصى، مع الاعتداء على المواطنين الفلسطينيين بشتى أنواع وأساليب القمع والضرب وتكسير بعض الواجهات.. إلخ، تحت شعار مواجهة الأطفال الذين يعتدون على الجنود الإسرائيليين بالحجارة !! وهي حجة واهية، وليست صحيحة، والهدف الحقيقي تهويد مدينة القدس والأماكن المقدسة جميعها، وبين الفينة والأخرى، يتكرر الاقتحام والاعتداء منذ سنوات، مثل واقعة اقتحام المسجد الأقصى وإخراج المعتكفين فيه آنذاك، الذي يتزعمهم الشيخ رائد صلاح وهو من سكان أرض 48، وأحد المناضلين الفلسطينيين في قضية القدس والمسجد الأقصى، ولا تزال إسرائيل تمارس الخطط والممارسات بين الحين والآخر لتهويد القدس بالتدريج، وقد جاء التهديد بفرض السيادة على الأقصى من قبل نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم، في إحدى الوزارات الإسرائيلية السابقة العقد الماضي، والذي قال للإذاعة الإسرائيلية، في تلك الحادثة إن "المعركة بدأت لفرض السيادة على القدس وبشكل خاص على جبل الهيكل". إن الحديث عن تمسكنا بالقدس، ومكانة القدس في العالم الإسلامي، وتاريخنا ناصع البياض في هذه المدينة المقدسة لا يكفي، فهذه الدراسات والبحوث على أهميتها، لا تسهم في إنقاذ هذه المدينة العربية، ولا يحميها من التهويد وطمس معالم، والقضاء على الكثير من آثارها التاريخية الإسلامية العريقة منذ أكثر من أربعة عقود.صحيح أننا يجب أن نؤطر تاريخنا بالوثائق والمستجدات بما يسهم في توضيح الحقائق التاريخية وإبراز حقوقنا القانونية والدينية، لكن بهذه الجهود والتحركات بهذه الطريقة كمن يخاطب نفسه، ويسرد الوقائع على ذاته فقط، لكن الذي يجب أن نعمله للقدس كمدينة عربية إسلامية تحت الاحتلال، وتواجه الكثير من الممارسات الخطيرة أن يكون هناك حراك سياسي وثقافي وقانوني في العالم كله، ونخاطب الرأي العام العالمي بالحقائق التاريخية، ونعرض ما لدينا من وثائق من خلال هذه الندوات والمعارض واللقاءات مع مؤسسات المجتمع المدني لفضح ممارسات إسرائيل لطمس معالم هذه المدينة العربية، وإبراز حقوقنا التاريخية من خلال ما نملكه قانونيا وسياديا عليها.لذلك من المهم أن يكون اهتمامنا بالقدس من خلال التحرك الفاعل، لكشف ما تفعله إسرائيل الآن في القدس العربية، والمخاطر المحدقة بهوية هذه المدينة وتاريخها ومعالمها الأثرية.ولا شك أن الندوة أبرزت الكثير من القضايا الهامة والوثائق الجديرة بالطرح تاريخياً، بما يؤكد على عدم أحقية الإسرائيليين في هذه المدينة سوى ما هو متاح لهم من أماكن للعبادة معروف منذ القدم.. إلخ.والأخطر الذي يمكن أن يشكل طمس معالم هذه المدينة المقدسة إقامة المستوطنات الإسرائيلية حول المدينة وحصارها والقضاء على الكثير من هذه المعالم، وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية العسكرية، منها الاستيلاء على بعض الأملاك الخاصة العربية، ومصادرة الكثير من الأراضي الفلسطينية مع أن تنظيمات لاهاي بشأن الأملاك الخاصة واضحة بموجب المادة [46] التي تقول: "يجب أن تحترم الملكية الخاصة"، وأنه "لا تجوز مصادرة الأملاك الخاصة"، لكن إسرائيل كعادتها لا تحترم القوانين والتنظيمات الدولية واعتبرت أن "المادة 46 غير ملزمة لها !! وهناك الكثير من الدلائل والقرائن تؤكد أن إسرائيل هدمت ودمرت مئات المنازل في القدس، وأقامت لها مباني أخرى لأغراض متعددة وبعضها لم تعوض لأصحابها.. ناهيك عن الإجراءات الإسرائيلية التي قامت بها منذ احتلال القدس منذ احتلالها حتى الآن من إقامة مئات المستوطنات وتدمير أملاك لأوقاف إسلامية وتجريدها من طابعها الديني.. وكل هذه الإجراءات تخالف القوانين الدولية وتنتهكها بصورة صارخة، ومع ذلك فإن المجتمع الدولي المتمثل بالدول الغربية لا تزال تعتبر إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وتقف إلى جانبها وتعتبر بعض هذه الدول أنها تدافع عن نفسها، مع أنها دولة محتلة غاصبة لأراضٍ أخرى. وعلينا أن نستشعر الخطر المحدق بهذه المدينة المقدسة، وأنه لابد من التحرك السياسي والقانوني والثقافي لحماية هوية المدينة وآثارها وتاريخها من الطمس والإلغاء وقبل ذلك تخليصها من الاحتلال، وهذا لا يتأتى بالمؤتمرات والندوات داخل بلداننا، فنحن نعرف ماذا يجري في القدس، وما يجري فيها، إنما الذي نوده أن تقوم النخب السياسية والفكرية والثقافية في العالم العربي وخاصة النخب الفلسطينية صاحبة الحق الأصلي هو التحرك الواسع في العالم كله لشرح ما تقوم به إسرائيل، وما تفعله في هذه المدينة ومخالفاتها القانونية لكل القوانين والأنظمة الدولية. إن إسرائيل بدأت معركتها الحقيقية في ظل حكومة نتنياهو المتطرفة الحالية، لهدم القدس وتغيير معالمها الإسلامية وهذا ليس تخمينا أو تخيلا، بل هذا التوجه بدأ عمليا والتحركات بدأت من سنوات بالحفر في بعض الأماكن في القدس وخاصة باب (المغاربة) الذي طالته الحفريات منذ سنوات، بشكل ممنهج ومن خلال خرائط للوصول إلى هدفهم بتهويد القدس وتغيير المعالم العربية والإسلامية. فهل نستشعر الخطر القادم؟! إننا كأمة عربية إسلامية علينا مسؤولية كبيرة وعظيمة لحماية الأقصى من هذا الخطر الإسرائيلي الداهم على مدينة القدس، والتحرك يجب أن يكون قويا ومخططا من الجانب السياسي والإعلامي والقانوني، ولكي نسهم في وقف هذا التهديد ونحمي القدس وأهل القدس من هذا الخطر الصهيوني الكبير الذي يستغل الأزمات العربية الراهنة، لتحقيق أهدافه في التهويد والسيطرة الكاملة على المسجد الأقصى، وبقية الأماكن العربية الإسلامية، ولم تتوقف الأخبار عن انتهاكات إسرائيل للمسجد الأقصى منذ العام 1967 ـ كما يقول الأستاذ/ عبد الستار قاسم ـ والبيانات العربية ضد الانتهاكات مستمرة، وكذلك شكاوى العرب إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة، وتمسك العرب بما يسمى بالشرعية الدولية والقانون الدولي ازداد صلابة ومهنية.فعملية تهويد القدس بقيت تسير بوتيرة متصاعدة، وكذلك عملية الزحف على المسجد الأقصى بهدف الاستيلاء عليه، وهذه الاعتداءات الأخيرة هدفها التهويد الرسمي، فهل نشهد تحركا عربيا قويا هذه المرة؟ أم أن ترديد الشكاوى، والبيانات، التي أصبحت ثقافة سلبية معروفة، اعتادت عليها إسرائيل منذ عقود، وهي تراهن على الضعف العربي القائم، والصراعات الداخلية لتنفيذ مشروعها القديم والجديد، لتهويد كل الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، بحجة الحق التاريخي لإسرائيل!!.