14 سبتمبر 2025

تسجيل

هل يتحالف الإخوان مع الأوروبيين؟

20 سبتمبر 2012

رغم النفي المتكرر من قبل جماعة الإخوان المسلمين لإجراء أية حوارات مع دول الاتحاد الأوروبي قبل ثورة يناير، خوفا من قيام نظام مبارك بإلصاق تهمة التعامل مع قوى أجنبية لها، إلا أن ذلك لم يمنعها من التواصل مع الأوروبيين في مرات متعددة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لعرض وجهة نظرها كقوة سياسية فاعلة في الساحة السياسية المصرية يمكن أن تشارك في الدفع بإصلاحات سياسية للنظام القائم. وقد التقت قيادات بالجماعة في عام 2003، مع مسؤولين أوروبيين وتحاوروا معهم في جلسة رعاها رئيس مركز ابن خلدون د. سعد الدين إبراهيم، الذي أشار إلى أن الحوار بين الطرفين دار حول القيم الحاكمة في فكر الإخوان المسلمين، ومكان الديمقراطية في الفكر الإسلامي، وكيفية معاملة غير المسلمين في المجتمعات الإسلامية، وموقف الإخوان من المرأة، وغيرها من القضايا. وفي عام 2005 كشفت مصادر أمريكية وأوروبية عن اتفاق بين واشنطن والاتحاد الأوروبي من ناحية وجماعة الإخوان المسلمين من ناحية أخرى على إجراء حوار بينهما عبر أعضاء في الكونغرس الأمريكي وبرلمانيين من الاتحاد الأوروبي يزورون مصر ونواب الإخوان المسلمين في البرلمان المصري. وقد أكد ذلك السفير الألماني في القاهرة مارتن كوبلر الذي قال إن بلاده ستجري حواراً مع عناصر من جماعة الإخوان المسلمين المصرية التي حصلت على خمس مقاعد البرلمان المصري. وقد استمرت هذه الحوارات بين الطرفين، حتى جاءت ثورة يناير التي قلبت الوضع السياسي رأسا على عقب فأطاحت بنظام مبارك ودفعت بصعود الإخوان وباقي فصائل التيار الإسلامي إلى قمة الهرم السياسي، فزاد اهتمام الأوروبيين بالتواصل المباشر والفعال والمكثف مع الجماعة من خلال اللقاءات التي كان يجريها الدبلوماسيون الأوروبيون في مقرات الإخوان، سواء الجماعة أو حزب الحرية والعدالة الذي انبثق عنها، كما جاءت وفود أوروبية بمستويات عالية إلى تلك المقرات لتتابع الحوارات الجارية مع الجماعة. وبعد شهور قليلة من ثورة يناير حصلت الجماعة على عضوية المراقب في الاتحاد الأوروبي كدليل على التقارب الكبير الذي حصل بين الطرفين، وكانت الحكومة التركية بقيادة رجب طيب أردوغان قد لعبت دورا كبيرا في هذا الصدد بحكم العلاقات الوثيقة التي تربطه بقيادة الجماعة. وكانت كاثرين أشتون، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، على اتصال مستمر مع الجماعة طوال تلك الشهور التي تلت الثورة من أجل توثيق العلاقات ولإبداء رأي الاتحاد في الأحداث الجارية في مصر بحكم المصالح الأوروبية الكبيرة، التي تشمل كافة المجالات، بدءاً من المجال الأمني الذي يتعلق بأمن أوروبا وامتداده جنوب المتوسط، وقضايا توافد المهاجرين، والجريمة المنظمة وتنامي الأصولية الإسلامية، وصولا إلى المردود الإيجابي على الجاليات الإسلامية في أوروبا، حيث يمكن تكوين جسر يقلل من تأثير الكثير من القضايا الخلافية المطروحة على الساحة الأوروبية. ومن هنا يمكن فهم أسباب إبداء الاتحاد الأوروبي دعمه المستمر لوصول الجماعة إلى الحكم من خلال الإعلان عن ترحيبه بالتعاون مع أية حكومة مصرية قادمة حتى لو كانت من التيار الإسلامي الذي يمثله الإخوان. وتأتي الزيارة التي يقوم بها الرئيس محمد مرسي إلى بروكسل مقر الاتحاد الأوروبي قبل زيارته المرتقبة للولايات المتحدة نهاية الشهر الجاري، لتؤكد على تلك العلاقات الوثيقة التي باتت تجمع الطرفين، خاصة في ظل سعي جدي من الرئيس مرسي وجماعة الإخوان لتكريس استقلال فعلي لعملية صنع القرار المصري بعيدا عن التبعية للولايات المتحدة التي كانت مترسخة طوال العهود الماضية، وذلك عبر تنويع العلاقات وتوثيقها مع قوى دولية كبرى كالاتحاد الأوروبي يمكن التعامل معه بندية في ظل حاجته لحماية مصالحه الكبيرة في مصر والشرق الأوسط. وكذلك الأمر في علاقات مصر مع الصين التي زارها الرئيس الشهر الماضي. فلا شك أن اللعب على توازنات المصالح بين القوى الكبرى في العالم سوف يقود إلى تحقيق استقلال فعلي لمصر وزيادة في هامش حركتها الإقليمية والدولية تستطيع من خلالها قيادة المنطقة نحو ما يحقق مصالحها وحل أزماتها المزمنة.