19 سبتمبر 2025
تسجيلبالرغم من تسارع الأحداث بعد دخول طالبان إلى كابول وبالرغم من بعض التخوفات المشروعة لهذا الطرف أو ذاك فإن ثقة جميع شركاء الملف الأفغاني تبقى كبيرة في الوساطة القطرية الخيرة والمسالمة والقادرة بفضل توجيهات حضرة صاحب السمو الأمير المفدى، على استكمال مسار المفاوضات التي لا محيد عنها لبلوغ الحلول النهائية المنتظرة والتي ترضي كل الفصائل وتؤدي رسالة السلام للطرف الأمريكي الأهم في القضية بعد قرار الرئيس بايدن سحب كل قواته من أفغانستان والذي عبر في مناسبات عديدة وعلى مستويات مختلفة على تقديره للدور القطري مع نيل قطر لاحترام الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وتركيا وإيران لاحتضان الدوحة للحوار الأفغاني، كما أن السيد (دو جاريك) الممثل الخاص للسيد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة عبر عن تقدير الأمم المتحدة لدولة قطر وأميرها على الاستمرار في رعاية المفاوضات الأفغانية اليوم كما بالأمس وغدا بدون كلل حتى ترسي السفينة الأفغانية على شاطئ السلام الدائم وغير القابل للانتكاس. وكانت أفغانستان محور الحديث بين حضرة صاحب السمو والسيدة ميركل يوم الأربعاء وكذلك محور المكالمات بين سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن ونظرائه في دول عربية وأوروبية وآسيوية عديدة كما أشاد بهذه الثقة المسؤول عن حل الأزمات السيد مطلق القحطاني تحت إشراف سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية. وبهذه الروح المتفائلة كان التعليق القطري من أكثر التعليقات على أحداث أفغانستان عمقا وفهما وانتظرته جميع الأوساط الدبلوماسية في العالم، وكما جاء في تعليق الموقع الأمريكي (ستراتجيك ألرت): "قطر هي التي احتضنت ولعلها تواصل احتضان القضية الأفغانية بالوساطة الذكية والمدربة على حل الأزمات الساخنة فوق أرض الدوحة غير المنحازة حتى في عز حرارة الأحداث وتشعب الأزمات واختلاف الرؤى والمصالح". ونعلم أن سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن في مؤتمره الصحفي مع نظيره سعادة أيمن الصفدي وزير خارجية المملكة الأردنية قال بأن قطر ترصد تطور الأحداث في أفغانستان باهتمام وأمل وتطالب جميع الأطراف بالتزام الانتقال السلمي للسلطة مباركا هذا الانتقال الذي تم دون عنف ودون سفك دماء وفي لقاء مع الجزيرة صرح السيد مطلق القحطاني المكلف من وزارة الخارجية القطرية برعاية المحادثات بين كل أطراف الملف الأفغاني، حيث قال يوم 15 أغسطس الجاري يوم دخول قوات طالبان إلى كابول بأن دولة قطر تبارك سلمية دخول طالبان إلى العاصمة وعدم سيل قطرة دم واحدة كما تدعو إلى وقف فوري لكل عنف وإلى العودة إلى المفاوضات المؤدية إلى تشكيل حكومة وفاقية تعمل بتضافر الجهود على الانتقال السلمي للحكم وعلى احترام الالتزامات السياسية والأخلاقية التي قطعتها حركة طالبان وجميع الأطراف على نفسها وعلى تابعيها لتعود أفغانستان إلى محيطها التاريخي والجغرافي سليمة معافاة ناهضة وشريكة المجتمع الدولي في رعاية الأمن وصون السلام. ومن جهة أخرى حلل الرئيس بايدن قرار الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان بعد أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في الأزمنة الحديثة مع بقاء الولايات المتحدة الى جانب الشعب الأفغاني، وأكد أن كابول سقطت في أيدي مقاتلي طالبان دون مقاومة وأن الجيش الأفغاني الذي سهرنا على تدريبه لم يحرك ساكنا متسائلا "أن جيشنا لا يمكن أن يتصدى لمسلحي طالبان عوض الجيش الأفغاني"، وعبر الرئيس الأمريكي عن تعجبه من ظاهرة غياب الجيش الأفغاني من التصدي لتأخير دخول طالبان الى كابول بعد أن مولت واشنطن تسليحه وتدريبه بـ 830 مليار دولار! وألح بايدن على حقيقة أن الانسحاب كان ضروريا بعد عشرين عاما من المشاركة مع حلف الناتو في حرب لم تعد لها أية جدوى بعد أن خسرنا من جنودنا 2300 ضحية خلال هذه الحرب، مع أملنا كما قال أن تتعظ طالبان بحقائق تغيير موازين القوى في المنطقة والعالم وتفتح الباب للمشاركة الأوسع في تشكيل الحكومة القادمة مع التزامها كما وعدت في الدوحة باحترام حقوق المواطنين، وخاصة إعطاء المرأة الأفغانية حقوق التعلم والمشاركة في المجتمع والسياسة بما تستحقه. ولا بد أن نحلل مواقف مختلف القوى العظمى والإقليمية إزاء دخول طالبان إلى كابل فنبدأ بالولايات المتحدة التي اكتفت بإجلاء دبلوماسييها وجنودها ومواطنيها من بؤرة الحريق الأفغاني والإصرار على تعزيز زعامة الولايات المتحدة لما يسمى العالم الحر!. أما روسيا اليوم فيهمها ألا تتحول أفغانستان إلى حليف لأمريكا ويحافظ الطالبيون على حيادهم ليشعر بوتين بأن حدود الدول التابعة لاتحاد الجمهوريات الروسية آمنة من ناحية أفغانستان وباكستان وإيران. بينما يبدو أن هم الصين مرتكز على ضمان عدم إعانة أفغانستان تحت إدارة طالبان للموقف من الأيغور، ويظل من الجانب الأوروبي الرئيس ماكرون هو المنشغل أكثر بالملف الأفغاني بسبب أهمية قضية الهجرة السرية الراهنة الى أوروبا وظهور بعض الجرائم الإرهابية المنفردة في فرنسا وإقرار قانون الأمن الشامل ومقاومة الانعزالية العرقية والدينية في فرنسا تمهيدا للانتخابات الرئاسية القادمة في مايو 2022 !.