12 سبتمبر 2025

تسجيل

الخلق الراقي

20 أغسطس 2015

الإسلام دين المحبة والوئام يدعو أبناءه للتحلي بمكارم الأخلاق وأحسن الأوصاف مما يدعو للترابط والتماسك والتعاضد فيزيد المجتمع قوة، فمجتمع المسلمين تربطهم وثائق وصلات فالمؤمنون إخوة متحابين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لذا يمتاز المسلم بأخلاقه وآدابه ومحبته لإخوانه ويتحلى بعظيم الخلق، فالخلق الحسن في منابع الإسلام من كتاب وسنة هو الدين كله والدنيا كلها، فإن حسن الخلق من كمال الإيمان فالمسلم يؤمن بما لأخيه من حقوق وآداب تجب عليه، فيلتزم بها ويؤديها لأخيه المسلم وهو يعتقد أنها عبادة لله تعالى وقربة يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، إذ أن هذه الحقوق قد أوجبها الله تعالى على المسلم ليقوم بها تجاه أخيه المسلم ففعلها يكون طاعة لله تعالى، وقربة له دون شك، وأنه لحري بالمسلم بعد هذا كله أن يكون نقي السريرة صافي القلب باش الوجه، لا يلقى إخوانه إلا متهللا مبتسما كما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبشاشة الوجه خليقة حسنة حض عليها الإسلام لأن الوجه الطلق الصافي مرآة القلب النظيف الطاهر ومن هنا كان هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله "تبسمك في وجه أخيك صدقة" رواه الترمذي، فإن ديننا الحنيف يأمرنا فيما بيننا بالبشاشة وطلاقة الوجه وحسن المنطق لأن هذا من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم حين أمره ربه بقوله تعالى (واخفض جناحك للمؤمنين) الحجر:88. فالذي ينبغي على المسلم أن يلقى أخاه بالبشر وطلاقة الوجه، فالابتسامة ومضة في ليل بهيم ورسول حب إلى الفؤاد وعنوان أخوة صادقة وسمة الرجال الشرفاء، ووشاح أصحاب الخلق الجميل، فالإسلام روح عذبة وأخلاق جميلة والنفس البشرية يأسر لبها ويستولي على مجامعها أخلاق الرجال وصفاتهم الحميدة والمعاني السامية التي جاء بها هذا الدين، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال "كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة قوية، نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال: مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت الرسول صلى الله عليه وسلم فضحك، ثم أمر له بعطاء" متفق عليه. من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان دائم البشر كثير التبسم صاحب الوجه الطلق كان دائما بشوشا في وجوه أصحابه فما يكاد يقع بصره على أحد منهم إلا تبسم، له فعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم" ولذلك كان من عادة الصحابة الكرام الذين كان هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوسهم حيا طريا، أن يتصافحوا إذا تلاقوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا وفي ذلك إشاعة للمحبة والود بين الأخوة المتلاقين. فمنهج الإسلام وهديه السامي وأخلاقه الراقية وتعليماته السمحة في تربية النفوس قائم على التحابب والتقارب والتآلف ومن هنا لا تباغض ولا تحاسد ولا تدابر في حياة المسلم الصادق، وكيف يكون في حياته شيء من هذه الأخلاق الوضيعة وصوت النبوة يسكب في سمعه أروع منهج للأخلاق عرفته البشرية منذ أن كان الإنسان على ظهر الأرض، فالذي يتأمل هدي الإسلام العالي الحاوي لمكارم الأخلاق كلها من حب وتعاطف وتآخٍ لا يقوم على الشحناء، إلا إذا كان في قلبه مرض وفي طبعه جفوة وفي فطرته التواء، فقد حبب الإسلام إفشاء السلام والمصافحة والمعانقة عند تلاقي الأخوة، لتبقى أسباب الود بين القلوب معقودة الأواصر ولتزداد وشائج الأخوة بين المؤمنين صلابة وقوة، وبذلك يستطيع المجتمع المسلم أن يعيش إسلامه وينهض بتكاليف رسالته في الحياة، ثم إن طلاقة الوجه تؤدي إلى سرور صاحبك لأنه يفرق بين شخص يلقاه بوجه عابس وشخص يلقاه بوجه منطلق، لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر "لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق" رواه مسلم، ومن هنا جاء الوعيد شديداً لأولئك القساة الغلاظ الملتوين عن جادة الإسلام الخلقية، المحجوبين عن بشاشته وسماحته وبإصرارهم على الهجر مما يهددهم في آخرتهم، فيحجب عنهم رحمة الله ومغفرته ويغلق دونهم أبواب الجنة، وذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم "تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا" رواه مسلم.