13 سبتمبر 2025

تسجيل

خواطر من زمن غابر وحاضر

20 يوليو 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قبل نحو سبع سنوات، أو أقل أو أكثر قليلا، كان رئيس تحرير هذه الصحيفة، الأستاذ صادق العماري، يشرف على إصدار ملحق "استراحة الجمعة" بالزميلة الراية، وكانت تجربة فريدة، لأن الملحق كان مخصصا للكتابة الساخرة، والمقالات الخفيفة ورسومات الكاريكاتير اللطيفة، مما جعل عدد الراية ليوم الجمعة، وعلى غير ما هو معهود في الصحف – حيث ينخفض التوزيع في عطلات نهايات الأسابيع – أعلى توزيعا من بقية الأيام، ونجح الملحق في استقطاب واكتشاف أقلام شابة، تكتب باقتدار وبروح حلوة مرحة بعيدا عن الابتذال.وشهد الملحق ملاسنات إخوانية راقية بين كُتّابه، خاصة الديناصورات منهم، وبالتحديد عبد الرحمن محسن المدير السابق لشركة قطر للسينما، والمخرج الشاعر والقاص المبدع إمام مصطفى رحمه الله، وصاحبة الروح الشفيفة ثريا نافع، التي لم يمنعها المرض في عنفوانه وإلى أن رحلت عن الدنيا – رحمها الله – من أن تكسر قلمها، فواصلت كتابة مقالات تنقط عسلا طيبا منعشا، والشيخ الدكتور عبد السلام البسيوني (الزفتاوي سابقا فهو من أبناء زفتا، الذين، وفي محاولة منهم لإبعاد شبهة الزفت عن أنفسهم، صاروا يكتبونها زفتى)، وكما هو معروف لدى معظم من يعيشون على أرض قطر بالأصالة أو ترانزيت، داعية إسلامي وخطيب مفوه، حار الناس في تصنيفه في ضوء الكليشيهات المتداولة، فهناك من يصفه بأنه سلفي ظلامي، فيتصدى لهم آخرون زاعمين بأنه وسطي ليبرالي (ودي تيجي إزاي)، ودليلهم على ذلك أنه يعارض "الغلو" في أمور الدين، ويزور معارض الفنون التشكيلية. والشيخ عبد السلام البسيوني ليس فقط كل ذلك، فلا يضاهي غيرته على الدين إلا غيرته على اللغة العربية، وفوق، وربما تحت هذا كله، فهو جميل الخط ويملك موهبة شبه ممتازة في الرسم (مما يعضد وجهة النظر القائلة بأنه ليبرالي)، ولكنني اعتقد أن أجمل صفة يمكن إلحاقها بشيخنا الجليل هذا، هي أنه "قارئ" ممتاز، وهذه صفة لا ينالها من يقرأ الصحف والمجلات، وما يرد فيما صار يعرف بوسائط التواصل الاجتماعي، بل بمن يقرأ الكتب ذات المحتوى الدسم بكولستروله الحميد والضار، أعني من يقرأ ليزيد حصيلته من المعرفة، ولا يعاف الكتب التي تخالفه ويخالفها الرأي، فعلى من ينشد العلم والمعرفة أن يقرأ لمن يحب، وأن يقرأ أيضا بمنطق "اعرف عدوك" في الرأي، فكيف تحاجج من تختلف مع معتقداتهم وأفكارهم، وأنت لا تعرف شيئا عن منابع تلك الأفكار والمعتقدات؟وكان لي شرف مزاملة هؤلاء في استراحة الجمعة، ولم تكن زمالة على الورق، بل كانت اجتماعية تقوم على التواصل الحقيقي الفيزيائي وليس الالكتروني، وانتهى بنا الأمر وقد أنشأنا منتدى الساخرين (ضم البسيوني والعماري ومحسن وثريا وإمام وشخصي)، والتقينا عدة مرات، وتحاورنا في كيفية زيادة عضوية المنتدى، والانتقال بنشاطه من المقاهي والصالات وصفحات الجرائد، ولكن مرض ثريا ثم وفاتها كان بداية الموت البطيء للمنتدى.عبد الرحمن محسن عاد إلى وطنه الأول مصر، والثاني كندا، وصادق العماري شاب رأسه قبل الأوان، بتولي مناصب صحفية قيادية، واختفى البسيوني من الصحف اليومية ككاتب مقال راتب، ولكنه – ما شاء الله عليه – صار يكرس وقته لتأليف كتب عليها القيمة، ولأنه فلاح ولا يعرف من أين تؤكل الكتف، إلا في صينية مكبوس، فإنه يتصدق بكتبه عبر قنوات (الإنترنت) ليقرأها الناس بلوشي، وكلما التقيت بالشيخ البسيوني قلت له: سبحانه الذي أسرى بعبده من زفتا إلى سايبريا، وزفتا هي مسقط رأسه في مصر، في حين أن سايبيريا هي عالم "السايبر" الإسفيري، حيث جمهوريات غوغل ويوتيوب وفيسبوك، فقد كان الرجل حتى مطلع الألفية الثالثة، يخاف من الأجهزة الكهربائية والالكترونية، وفجأة صار حجة في شؤون الانترنت وتقنية المعلومات، ثم مديرا لموقع "إسلام أونلاين"، بل إنه اكتسب مهارات التلاعب بالصور، فتجد في أغلفة كتبه الالكترونية صورة شخصية له يبدو فيها في منتهى الحلاوة (!!!!)رفد د. عبد السلام البسيوني المكتبة بكتاب أوصي جميع الناس، وعلى وجه الخصوص الصحفيين بقراءته، لأنه يتعلق بالأخطاء اللغوية الشائعة، ليس بأسلوب "قل ولا تقل"، بل بلغة لطيفة، تجعلك تبتسم تارة وتنفجر ضاحكا تارات وتارات، وأنت تقرأ عينات الأخطاء التي أوردها.موعدكم مع بعض محتويات الكتاب، وأمور أخرى تتعلق باللغة العربية والعربيزية في مقالات لاحقة بمشيئة الله.