15 سبتمبر 2025
تسجيلإذا كانت ثمة لقطات إقليمية تستحق المتابعة والرصد في إطار المداخلات العامة التي أحاطت بمحاولة الانقلاب العسكري الفاشلة الأخيرة في تركيا، فهي تلك المتعلقة ببعض المواقف العربية والشرقية مما حدث في تلك الليلة العاصفة التي هزت الشرق والغرب، وشكلت مفاجأة استراتيجية حقيقية لم تكن منتظرة!، فها هو وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يعلن موقفا لا أستطيع هضمه وهو (أن المخابرات الأمريكية لم تكن تعلم مسبقا بأمر المحاولة الانقلابية)!، وإن ما حصل كان مفاجأة للجميع! رغم أن دوائر الرصد والمتابعة الدولية لا يمكن أن تغفل عن مثل ذلك الحدث، خصوصا وأن الجيش التركي ليس جزيرة منعزلة بل إنه يشكل القوة الأكبر في حلف شمال الأطلسي (الناتو )!، كما أن تركيا ليست دولة عادية أو مجهرية، بل إنها وريثة لإمبراطورية كانت طيلة عقود تاريخية طويلة هي الأعظم في العالم وكانت الشغل الشاغل الذي يقض مضاجع العروش الأوروبية، كما أنها تمتلك من التراث الحضاري والتنوع المعرفي والقدرة الاقتصادية والحضارية الشيء الكثير الذي يدخلها ضمن دوائر الدول الأهم بالمتابعة والرصد، والحركة الانقلابية الأخيرة التي هي الأضخم في تاريخ الانقلابات التركية المعاصرة ولو قدر لها النجاح لأحدثت دويا هائلا وتراجعا مريعا في الدور التركي ولأصاب الانهيار تركيا الحديثة والنمر القوي الذي تميز بقدرته تحت إدارة حزب العدالة والتنمية وبقيادة أردوغان الكارزمية المؤثرة التي تركت بصماتها على الحياة السياسية التركية أسوة بمصطفى كمال أتاتورك الذي كان له دور كبير في قيادة وضع ما بعد انهيار الدولة العثمانية والتكالب الأوروبي على تقاسم تركة (الرجل المريض)!، ولعل مواقف بعض الدول والأحزاب والشخصيات في مواجهة محاولة الانقلاب الفاشلة الأخيرة تنبيء عن سقم كبير وحالات من العدمية الرثة، فقد ابتهج مثلا النظام الإرهابي الفاشي السوري لما حصل وتهللت أسارير شبيحته وأتباعه لما أعتقدوه أنه نهاية (الحقبة الأردوغانية)! بل وتمنوا تمنيات المفلسين الفاشلين أن يروا جثة أردوغان وحطام الجمهورية التركية أمام عيونهم لكي يتمتعوا بمناظر الخراب والدمار التي أحدثوها في بلدانهم، ولكن خاب مسعاهم وسيخيب وسيدفعون ثمن تهافتهم وإرهابهم، أما غاشية الخنوع من أهل الأحزاب الطائفية الإرهابية الرثة الفاشلة في العراق فقد أصابتهم سعادة حقيقية لما تصوروا أنه خراب سيكون مضافا للخراب الكبير الذي أحدثوه في العراق وأخرجوه من قائمة الدول المتحضرة ليتصدر قائمة الدول الفاشلة بامتياز، فالقيادية البرلمانية في حزب الدعوة الإرهابي في العراق حنان الفتلاوي مثلا لم تخجل من أن (تنعى) الرئيس التركي وتتشفى به وتتمنى الموت أيضا لحكام الخليج في ظاهرة فيها من الحقارة وانعدام المسؤولية الشيء الكثير!، كما أن حشود الطوائف والملل والنحل المريضة لم تقصر هي الأخرى في إظهار فرحتها بنجاح ما تصوروا أنه سيتحقق ليلامس أحلامهم المريضة!، لقد تشابكت المشاهد والمواقف والمناظر الإقليمية بين حريص على مصلحة ومستقبل الشعب التركي الصديق، وبين أولئك النفر والعصابات التي تمنت أن يعم الفشل الجميع وأن تدخل تركيا في دوامة فوضى ستدمر الشرق وتكون بداية النهاية لكل ما هو تقدمي وإيجابي وإنساني ومعطاء، من المؤسف فعلا أن تتمنى بعض الدوائر إشاعة الخراب والدمار كترجمة فعلية لمواقف خلافية، ولكن ما حدث قد أكد حقيقة على إظهار المواقف الحقيقية للأطراف العاملة من أجل التقدم والسلام وتلك الأطراف البائسة التي تعيش على المآسي وتتغذى على الدمار، ولا تجد راحتها النفسية إلا في إشاعة الخراب ليعم الجميع لكي يرتاحوا وينعموا بفشلهم.. ولكن رب ضارة نافعة، وقد بينت الأزمة حقيقة المواقف وأسقطت القناع نهائيا عن الوجوه الإرهابية المكفهرة بالحقد التي تحارب النجاح وتعيش في كهوف التآمر والغل والحقد.. "شبيحة الشرق" فضحوا أنفسهم، وفضحتهم الشعوب الحرة، وهم اليوم خارج أي حسابات مستقبلية لكونهم مجرد مشروع تخريبي عدمي لا يستحق سوى النبذ، الشعب التركي الحر أجهض المؤامرة وكان عملاقا تميز وسط أقزام يسخر منهم التاريخ، وهم عالة عليه، والمجتمعات الحرة لا يقودها البلهاء الحاقدون، بل الأحرار المتميزون.